Afleveringen
-
ضيف الأسبوع، الأستاذ ميثاق عبدالله، رئيس حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز. نتحدث عن معاناة أهل السنة في إيران من ممارسات الحكم في طهران؛ وعن تناقضات السياسة الإيرانية في الداخل والخارج عندما تطرح إيران نفسها حامية وراعية للقضية الفلسطينية.
-
القاعدة و ”تأبين“ السنوار
في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤، نشرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيان نعي يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ومهندس طوفان الأقصى. البيان، بعنوان ”الآن الآن جاء القتال،“ وصف السنوار بعبارات التبجيل من قبيل ”القائد المغوار،“ و ”فقيد الأمة.“ وكما في بيانات سابقة لقيادة التنظيم وفروعه، تحاول القاعدة الاستثمار في حرب غزة التي انطلقت في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣؛ وكأن ”طوفان الأقصى“ مستلهم من تاريخ التنظيم. فيعتبر البيان السنوار امتداداً لمقاتلي القاعدة؛ معركة ”طوفان الأقصى“ هذه هي ”الثانية“؛ أما الأولى فكانت في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ بقيادة محمد عطا.
داعية جهادي: القاعدة أعلنت موتها
هل يضيف هذا البيان إلى ما بتنا نعرفه عن اتساع الفجوة بين تنظيم القاعدة ومنظريها حول حماس باعتبار علاقة الحركة الحميمة مع إيران، وباعتبار سلوك حماس في قطاع غزة من حيث ”تطبيق الشريعة؟“ على الأرجح لا؛ فإطالة أمد الحرب لم تدع مجالاً أمام قيادة التنظيم وفروعه للهروب نحو التخريج ”الفقهي“ بالتمييز بين حماس السياسية وحماس كتائب القسام؛ حماس اسماعيل هنية وخالد مشعل، وحماس محمد الضيف ويحيى السنوار. فكل واحد. لكن، بعد أن تحسم القاعدة مصير زعيمها الغائب أيمن الظواهري؛ وبعد أن تنتهي حرب غزة، هل سيعود أنصار القاعدة إلى تلك البيانات بالتمحيص والسؤال؟ وماذا ستكون نتيجة ذلك؟ في موجة بيانات القاعدة التي أبّنت السنوار، لفت منشور للداعية طارق عبدالحليم على إكس والتلغرام. عبدالحليم لم ينتمِ يوماً للقاعدة؛ لكنه يكن احتراماً لأسامة بن لادن والظواهري؛ وكان له موقف مؤيد للقاعدة في خلافها مع هيئة تحرير الشام. يقول عبدالحليم إنه اليوم يصرّح لأول مرة بأن القاعدة ”ضاعت … وانهارت حركياً، وأيديولوجياً.“ بعد ”المؤسسيَن الحقيقيين“. ويردف أن القاعدة ”نعت نفسها بنفسها أيديولوجيا، وأعلنت موتها كحركة إسلامية سنية خالصة، ولحقت بركب الإخوان، وطالبان الجديدة!“
تحرير الرقة ”للحياة نغني Stranên Jiyanê“
في مثل هذه الأيام من العام ٢٠١٧، تحررت مدينة الرقة السورية من تنظيم داعش بعد حكم دام حوالي أربعة أعوام. في ١٧ أكتوبر ٢٠١٧، أعلنت قوات سورية الديمقراطية، التي تضم مقاتلين عرباً وكرداً، دحر التنظيم في المدينة جنوب شرق سوريا. تحرير الرقة كان مهماً من ناحية معنوية؛ فكانت أول مدينة كبرى يحتلها التنظيم في يناير ٢٠١٤، حيث أصبحت منطلقاً للاستيلاء على مساحات واسعة من سوريا شمالاً بالسيطرة على معابر حدودية مهمة مثل تل أبيض وصولاً إلى حلب غرباً؛ ومن العراق شرقاً وصولاً إلى الموصل التي احتلها التنظيم في يونيو ذلك العام.
التحرير كان مهماً استراتيجياً أيضاً. فجاء بعد ثلاثة أشهر من تحرير الموصل في يوليو ٢٠١٧ وبذلك دُفع التنظيم جنوباً حتى حوصر في الباغوز على الحدود السورية العراقية. ومن هناك بدأت معركة طويلة لدحر التنظيم انتهت في مارس ٢٠١٩.
والحقيقة أن تحرير الرقة يذكرنا بأمرين. الأول، هو أن داعش سيطر على المدينة في يناير ٢٠١٤ بمزيج من الخيانة والخديعة؛ وهو مرض فتك ”بالثورة السورية“ في بداياتها. فالجميع يذكر أن المعارضة السورية ممثلة بالجيش الحر وناشطين مدنيين من أبناء الرقة هم من طردوا القوات الحكومية السورية من المدينة لتكون أول محافظة في سوريا تحكمها المعارضة حكماً كاملاً. ما حدث لاحقاً هو أن تسلل داعش إلى المدينة من خلال فصائل زعمت مساندة الشعب السوري لتبدأ اغتيالات ممنهجة ضد قوى المعارضة انتهت بالسيطرة على المدينة. وقد وثقنا تلك الأيام في فيلم ”سقوط الرقة“ على وثائقيات الآن.
الأمر الآخر الذي نستحضره هنا هو كيف مارس داعش حكمه المزعوم. فالتنظيم الذي يدعي العدالة هو في حقيقة الأمر طبقي فئوي. ولا أدل على ذلك مما حدث في الباغوز. حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي يستعيد في شهر أكتوبر كيف أن التنظيم عقد صفقات سرية مع القوات الكردية من أجل تأمين خروج أفراده المتنفذين. المعضلة هنا هي أن التنظيم ما انفك يعتبر الأكراد ”كفرة ملحدين“ لا يجوز التعامل معهم في أي شكل من الأشكال. ولهذا كان التنظيم يحظر على أنصاره ”ورعاياه“ النجاة بأنفسهم إلى مناطق شمال وغرب سوريا على أساس أن تلك أراض يحكمها ”كفار.“
ينشر الحساب ”وثيقة سرية للغاية“ من يونيو ٢٠١٨ تؤكد أن من تولى تنسيق المفاوضات مع الأكراد كان ”والي البركة“ أبو عبدالله المهاجر منتدباً من اللجنة المفوضة، قمة هرم الحكم في التنظيم. يعلق الحساب أن الوثيقة تبين ”حجم المساومات والتنازلات التي كان تنظيم الدولة مستعد لتقديمها في الخفاء للأكراد، بما فيها الالتزام بعدم التعامل مع الأتراك …والتعاون معهم (الأكراد) ضد عدو مشترك (الأتراك). .“ يزيد الحساب أن التنظيم في نهاية الأمر ”هرّب أمراء الصف الأول وعوائلهم لبر الأمان في مناطق الهتشاوية وتحولت قصة الباغوز لأشنع قصة خذلان في تاريخ الجماعات الجهادية.“ في الأثناء، كان إعلام التنظيم وأمراؤه يتغنون بعبارات مثل ”لا مفاوضات- لا هدنة أو موادعة عسكرية- لا حوار بل جهاد واجتهاد ولا مجال لأنصاف الحلول.“
هل يبتعد الأسد عن إيران؟
مع تكثيف الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله منذ سبتمبر الماضي، أظهرت دمشق مواقف رآها البعض فاترة تجاه إيران؛ ومقدمة لابتعاد الأسد عن رأس الحكم في طهران، فهل هذا ابتعاد ”حقيقي أم مناورة؟“ هذا سؤال بحثه رئيس تحرير المجلة، الصحفي السوري إبراهيم حميدي، في مقال بتاريخ ٢١ أكتوبر. يقول حميدي إن النظام السوري كان مستعداً للخروج من تحت عباءة إيران في العام ٢٠١١، بعد عرض اتفاق سلام مع إسرائيل مقابل استعادة الجولان المحتل كاملاً؛ إلا أن الحراك الشعبي ذلك العام عطّل تلك الخطط؛ بل سوّغ لإيران التدخل العسكري والاقتصادي ”لإنقاذ النظام.“
لكن مع اندلاع الحرب في غزة، واحتدام المواجهة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، ظهرت مؤشرات على ”جفاء“ بين النظام السوري وطهران. ومن ذلك أن دمشق لم تقدم ”أي دعم سياسي وعسكري وإعلامي“ إلى الحزب على عكس ما كان في حرب ٢٠٠٦.
لكن في المحصلة، يتساءل حميدي ما إذا كانت الخطوات الأخيرة في دمشق هي مجرد حيلة ”لشراء الوقت“ ريثما تخرج المنطقة من العاصفة؟ والأهم هل ”تسكت إيران عن خسارة سوريا“ أم تتفهم تلك ”المناورة“ ريثما تنجلي العاصفة أيضاً حيث أن الطرفين - سوريا وإيران - يحتاج أحدهما الآخر؟
موقع الأرشفة الإلكتروني
خلال شهر أكتوبر، تعطل موقع الأرشفة على الإنترنت Internet Archive أو archive.org بسبب هجمات سيبرانية متلاحقة، الأمر الذي تسبب في حالة ارتباك بين ملايين المستخدمين نظراً لميزة هذا الموقع الذي يؤرشف المواقع الإلكترونية ويحفظ وثائق حساسة تحظرها منصات أخرى.
الطريف في الأمر هو أن موقع Mashable الشهير بعث رسالة إلى إدارة archive.org يسأل عن الاختراق. فجاء الرد من الهاكر نفسه الذي أوضح أن من الأسباب التي سهلت الاختراق كان القدرة على الوصول إلى ”رموز التحقق token“ التي يتبادلها الموقع مع المستخدم لأغراض إثبات الهوية. ما حدث هنا هو أن الموقع لم يُعد تدوير تلك الرموز أو support tickets ”تذكرة الدعم الفني“ ما يعني أن بعضها كان لا يزال صالحاً أو يحمل بيانات سهّلت على الهاكر اختراق الموقع والسيطرة عليه. في الخلاصة، لا شك أن موقع archive.org أداة مهمة ومفيدة في الأرشفة الإلكترونية، ولكن يجب الالتفات إلى أن هذه الهجمات الأخيرة جعلت حسابات أكثر من ٣١ مليون مستخدم بين يدي الهاكر.
الذكاء الصناعي والتهكير
الذكاء الصناعي AI تطور بشكل مخيف؛ في الصوت والصورة، حيث صار صعباً تمييز الحقيقة من الوهم؛ وفي حالة ChatGPT حيث يكاد المرء يتحدث إلى ”بشر.“ فكيف لو أن AI استخدم في اختراق أو تهكير الهواتف والحواسيب؟ هذا خطر يتنامى كل عام.
منصة bugcrowd المخصصة لمجتمع الهاكر أجرت استطلاعات خلال الأعوام الماضية حول قدرة الذكاء الصناعي على التهكير. وجد تقرير هذا العام أن عدد الهاكر الذين يعتقدون أن الذكاء الصناعي يزيد فاعلية التهكير قفز من ٢١٪ العام الماضي إلى ٧١٪ هذا العام. وهذا معناه أن دور الذكاء الصناعي في التهكير ارتفع بشكل مقلق. فالعام الماضي، كان الهاكر يعتمدون على أدوات الذكاء الصناعي في تنفيذ مهام محددة بشكل أوتوماتيكي؛ أما هذا العام، فالهاكر يستخدمون AI في تحليل البيانات - وهو ما يعتبر أهم مرحلة في التهكير. فنجاح الاختراق يعتمد على قدرة الهاكر على التعرف على مواطن ضعف المستهدف من خلال تتبع سلوكه وتفضيلاته. وهكذا فإن قدرة الذكاء الصناعي على تجميع بيانات المستخدم وفرزها وتحليلها أكبر بكثير من قدرة البشر. والسؤال المهم: هل يستطع الـ AI أن يحل محل الإنسان في التهكير؟ الجواب مبشر. بحسب التقرير، لا تزال الاحتمالات ضئيلة. فنسبة الهاكر الذين أجابوا بنعم هذا العام كانت ذات النسبة التي سُجلت العام الماضي.
-
Zijn er afleveringen die ontbreken?
-
مصطفى حامد: طوفان الأقصى ”طُعم“ لاصطياد إيران
تناقلت صحافة عالمية وإسرائيلية الأسبوع الماضي خبراً يقول إن ”مستشار القاعدة يدعو إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة.“ الخبر منقول على ما يبدو عن SITE Intelligence المتخصص في إعلام الإرهاب والتطرف. والمستشار المشار إليه هو مصطفى حامد أبو الوليد المصري، صهر سيف العدل الزعيم الفعلي للقاعدة. وكلاهما يقيم في طهران.
هذا الخبر استدعى رداً من حساب أبي الوليد على إكس، نافياً ما ذهبت إليه تلك القنوات معتبراً النقل ”تضليلاً. فنفى أولاً أن يكون منتسباً إلى القاعدة في أي وقت من الأوقات. بالفعل، لم يكن مصطفى حامد يوماً من القاعدة. كان دائماً أقرب إلى طالبان تنظيمياً وسياسياً. من ناحية أخرى، بيّن حامد أن دعوة ”إطلاق السراح“ المنسوبة إليه تعلقت ”بإعدام الأسرى.“ فما الذي قاله مصطفى حامد بالضبط؟
في تاريخ ١٨ أكتوبر، كتب أبو الوليد في موقع مافا السياسي الإيراني تحت عنوان ”عاش يَحيى السنوار،“ داعياً إلى ”إغلاق“ ملف ”المختطفين“ الإسرائيليين - كما قال - في غزة من دون أن يصرّح بلفظ ”إطلاق السراح.“ فدعا أولاً إلى ”إعادة جثث“ هؤلاء إلى أهاليهم في إسرائيل وثانياً إلى إغلاق هذا الملف ”فلا يُفتح مرة أخرى“ باعتبار أن ”عواقبه“ باتت معلومة. قال: ” أغلقوا ملف ‘المختطفين‘ اليهود حتى لا يبقي غيرُ مِلف فلسطين والمسجد الأقصى.“ مرد هذا إلى أن ” قضية فلسطين(اختفت) ولم يعد أحد يذكر منها شيئاً إلا من خلال قضية المختطفين.“ حتى إن ”طوفان الأقصى“ تحول إلى ”طوفان المختطفين اليهود.“ وهكذا يختم حامد بوجوب ” عدم الإحتفاظ بأسرى إلا من له فائدة سياسية أو أمنية خاصة.“
الحقيقة أن موقف حامد هذا ليس جديداً؛ فطالما كان ضد مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس. فكان يرى أن ”طوفان الأقصى“ بدأ كي يستمر وصولاً إلى الأقصى؛ إلا أن مفاوضات التبادل تلك قلّصت سقف التوقعات والأهداف.
ففي اليوم التالي لهجوم ٧ أكتوبر، كتب حامد منتشياً أن طوفان الأقصى“ يجب أن يتحول إلى ”طوفان المقدسات جميعاً،“ من الأقصى إلى مكة والمدينة؛ متأملاً في أن يحتل حزبُ الله شمال إسرائيل وأن يسيطر الحوثيون على البحر الأحمر؛ وأن يُقضى على إسرائيل حتى بضرب مفاعل ديمونة.
لكن بعد شهرين، بدا حامد غاضباً من سلوك حماس التي بدأت تبادل أسرى مع إسرائيل تحت غطاء عربي قطري مصري. تحت عنوان ”وسقط المسجد الأقصى من حسابات ‘طوفان الأقصى‘" كتب حامد أن ” من أخطر ما يجري الآن من تحركات حول القضية الفلسطينية هي أن تتحول إلى قضية إنسانية واقتصادية بعيدة عن أي محتوى ديني أو سياسي.“ فاعتبر أن حماس باتت أقرب إلى المحور العربي من الإيراني؛ بل جرّت ”محور المقاومة“ إلى ”مسار فرعي بعيداً عن الهدف الرئيس من الحرب وهو حماية المسجد الأقصى وتحرير فلسطين.“
هذا الإحباط لدى حامد تنامى مع إطالة أمد الحرب واتساعها حتى تحول إلى النقيض. في مقال بتاريخ ٧ أغسطس ٢٠٢٤، بعنوان ” ”حرب العواطف الجياشة: استدراج خطر،“ يعتبر حامد أن طوفان الأقصى لن يأتي بخير على إيران تحديداً. يستنتج هنا ”أنه لم يكن هناك تخطيط لأي طوفان ولا لحرب مع إسرائيل … فلم تكن حماس أو أي منظمة جاهزة لحرب غزة ولم يكن ذلك ممكنا أو معقولاً ولم يكن هناك أي تجهيز لمثل تلك الحرب حتى في الحدود الدنيا.“ كلام حامد هذا مختلف تماماً عن دعوته بداية الحرب إلى استثمار الزخم الحاصل من أجل تحرير الأقصى وما أبعد من الأقصى.
يصل المقال ذروته عندما يقول حامد إن طوفان الأقصى هو في واقع الأمر فخ سيوقع بإيران. يقول: ”فربما لم يكن أحد يدري أنه (طوفان الأقصى) قد استخدم فى تلك الحرب لإصطياد السمكة الإيرانية الكبيرة.“
وهكذا، يدافع حامد عن قرار إيران ”الاكتفاء“ بإسناد أهل غزة وعدم الانجرار وراء ”الطعم“ الإسرائيلي الأمريكي - يقصد ”حروب الثأر“ لاغتيال قيادات حماس وحزب الله وإيران نفسها. في الخلاصة، يرى حامد أنه تجب إعادة رسم ”خريطة جديدة للصراع … (فذلك) أولى من الدخول في حرب استُدرِجنا اليها منذ اندلاع عملية الأقصى التي كانت مجرد طعم لإصطياد سمكة المقاومة الكبيرة.“
الجهاديون والسنوار
إذاً، يوم الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤، قتلت إسرائيل يحيى السنوار، رئيسَ المكتب السياسي لحركة حماس بعد أن ظل عاماً هدفها الأول باعتباره مهندس هجوم ٧ أكتوبر في ٢٠٢٣.
الجماعات الجهادية وأنصارها كان لهم موقفان من الحدث: رسمي وفردي. أما الأفراد، فانشغلوا، كما هي العادة، بخطأ أو صواب وصف السنوار بالشهيد. حساب مراقب على إكس، الذي يبدو أنه يعود إلى أبي محمد المقدسي، أو على الأقل ينشر عنه، علّق: ”لازال المقدسي متمسكاً بقوله القديم … مَن قاتل وقُتل لتكون #كلمة_الله هي العليا فهو #شهيد … ومن قاتل وقُتل لتحكيم #القوانين_الوضعية وتطبيق #الديمقراطية فهو فطيس.“ المقدسي يعتبر أن حماس لا تقاتل لأجل تحكيم الشريعة وإنما لإقامة وطن ضمن حدود فلسطين الجغرافية. وفي مكان آخر، يقول حساب مراقب: ”نخالف السنوار، ولكننا ننصفه ولا ننتقده إلا بما أظهره. هل سمعته يوماً يصرح بمحبة إيران أو حزب اللات أو نصراللات أوبشار؟ … وكونه يناصر قوماً أو يستنصر بهم فلا يلزم أنه يحبهم.“
غير واضح ماذا يعني مراقب بلفظ ”محبة“ وكيف يُفرّق بين المحبة وأن ينتصر المرء لقوم أو يستنصر بهم. لكن ما خفي على مراقب ربما هو أن السنوار صرّح بعلاقة ”دافئة“ مع إيران وحزب الله ”والأخ قاسم سليماني.“ جاء هذا في مقابلة أجراها تلفزيون الميادين الموالي لإيران في لبنان في أيار ٢٠١٨.
على الطرف الآخر من المقدسي، نجد حساب ”القول الحسن ٢“ على التلغرام الذي ينشر لأبي قتادة الفلسطيني، ولا ندري إن كان ينشر باسمه. هذا الحساب دعا للسنوار واصفاً قتله ”بالشهادة.“
الداعية طارق عبدالحليم المعارض لحماس وطوفان الأقصى جملة وتفصيلاً، كتب: ”الرجل بين يدي ربه يحاسبه بما يستحق … المهم الآن، هو كيف يمكن أن يؤثر هذا على وقف العذاب المستمر للأبرياء في غزة.“
رسمياً، نشرت أفرع القاعدة بيانات ”تعزية“ بالسنوار. افتتح البيانات فرع القاعدة في شبه القارة الهندية الذي وصف القتل بالاستشهاد ووصف السنوار ”بقائد المجاهدين الشجاع.“ كما أجزل البيان مدح حماس، وهذا تفصيل مهم بالنظر إلى تمييز بعض الجهاديين بين حماس الحركة وحماس كتائب القسام كمخرج من معضلة الأثر الإيراني.
ولهذا نجد أن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، فرع اليمن، في بيان التعزية المنشور في ٢٠ أكتوبر، لم يذكر حماس قط واكتفى بذكر كتائب القسام. وكما بيان القاعدة ”برصغير،“ وصف بيان اليمن السنوار ”بالقائد المجاهد،“ والقتل بالاستشهاد.
طالبان كذلك عزوا بالسنوار. رئاسة الوزراء في الجماعة أصدرت بياناً بلغات عدة في تاريخ ١٨ أكتوبر بعنوان ”استشهاد القائد يحيى السنوار رئيس حركة حماس.“
من هيئة تحرير الشام في إدلب، كتب عبد الرحيم عطون رئيس المجلس الأعلى للإفتاء، ومظهر الويس مسؤول الإدارة العامة للتوجيه الشرعي معزيين بالسنوار واصفيَن إياه بالشهيد.
تكاد تكون هذه المواقف متجانسة رغم خلافات لم يبذل أصحابها جهداً في تبيانها - ونقصد مشروعية الوصف بالشهادة وجدوى فعل السنوار. لكن يلفت من بينها ما كتبه حساب عبدالرحمن الإدريسي الموالي لهيئة تحرير الشام، عندما استذكر الجدل المحتدِم الذي دار حول اغتيال أمين عام حزبِ الله حسن نصرالله. سُئل الإدريسي ”لماذا تُظهرون حزنكم على السنوار؟“ وكان ”إخوة في حماس“ ساءهم فرح أهل الشام باغتيال نصرالله حتى إن بعضهم اتهمهم ”بالتصهين.“
الحوثي وقاعدة الصومال
الكلام عن السنوار ضمن سلسلة من الجدليات التي تتنامى في أوساط الجهاديين والإسلاميين منذ انطلاق ٧ أكتوبر، يبدو مناسباً لاستعراض ما كتبه الحساب الجهادي ”أنباء جاسم“ على إكس ”عن تنظيم القاعدة وإشكالية التأويل.“
الحساب يعلق على تقارير أخيرة عن ”تعاون“ بين الحوثيين وجماعة شباب الصومالية الموالية للقاعدة. يقول أنباء إنه ”لا يستغرب“ هكذا تعاون ”لأن قيادات في التنظيم يبررون هذه التصرفات ... خصوصاً في ظل غياب أمير عام للتنظيم مؤهل شرعياً وتجاهل إجماع المشايخ في هذه الثوابت.“
يلفت الحساب إلى أنه لا يرفض ”بالضرورة“ مثل هذه التحالفات خاصة في وجود ”تأصيل شرعي“ لها. لكن المشكلة عنده تكمن في ”تناقض“ فعل القيادة مع الخطاب الموجه للقواعد.
القاعدة فرع الشام
أعلنت السلطات التركية أنها في صدد اعتقال أفراد من القاعدة فرع الشام بتهمة تنفيذ هجمات ضد القوات التركية المنتشرة في محيط إدلب بسوريا.
أجهزة الأمن التركية قالت إنها لاحقت عنصراً ”مهماً“ في تنظيم القاعدة بسوريا اسمه احمد بيكارة حتى تمكنت من اعتقاله في بلد إفريقي لم تسمه. التحقيق مع بيكارة أفضى إلى اعتقال آخر كان مختبئاً في أضنة جنوب تركيا.
-
انزلاق النخب دفاعاً عن حزب الله
بعد مرور عشرة أيام تقريباً على اغتيال حسن نصرالله، أمين عام حزب الله، تجدد الجدل في أوساط نخب التيارات الإسلامية من مثقفين ومشايخ؛ فانشغلوا بجواز الترحم على الرجل أو وصفه بالشهيد أو اعتباره حليفاً حقيقياً للفلسطينيين في غزة وخارجها. فلماذا تجدد هذا الجدل؟
في ١ أكتوبر صدر العدد الأخير من مجلة ”أنصار النبي عليه الصلاة والسلام“ الصادرة عن ”الهيئة العالمية لأنصار النبي“ التي يترأسها الشيخ محمد الصغير. غلاف العدد كان صورة لحسن نصر الله وعنوان ”حسن نصر غزة.“ لا يبدو أن أحداً التفت إلى ذلك حينها. لكن في ٩ أكتوبر، أصدرت الهيئة ما أسمته ”بيان علماء الطوفان“ وقالت إنه رد على ”نداء أبي عبيدة“ المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحماس في كلمته الأخيرة بمناسبة الذكرى الأولى لحرب غزة. أبرز ما جاء في هذا البيان هو تمرير فتاوى تتعلق ”بالجهاد“ في فلسطين أو من أجل فلسطين. فجاءت الفتوى بأن ”الجهاد في فلسطين جهاد دفع وهو واجب عيني.“ لكن مع ملاحظة أن هذا الجهاد لا يكون بالضرورة بالسلاح حيث أن ”للجهاد المعاصر أشكال عدة“ منها المسلح والمالي والإعلامي.
لم يأتِ البيان على ذكر إيران أو حزب الله. واكتفى بالإشارة إلى أنه ”يثمّن“ أي إسناد موجه ”للمقاومة.“
بعد أن نشرت الهيئة هذا البيان، التفت الجميع على ما يبدو إلى غلاف المجلة الصادرة عنها والتي يشرف على تحريرها محمد إلهامي، فوجهوا النقد للهيئة والعاملين عليها. يتلخص هذا النقد فيما قاله بسام صهيوني عضو مجلس أمناء الهيئة. قال: ”نصرة غزة ليست صك غفران لمن أساء لجانب النبي صلى الله عليه وسلم.“ في تبرير الغلاف والموقف، اتهم إلهامي مثيري الجدل بأنهم يتبعون جهات استخباراتية، وبالتالي مواقفهم مشبوهة. إلهامي نفى أن يكون الغلاف ”لتمجيد وتلميع“ نصرالله. بل على العكس. بطريقة ملتوية، اعتبر إلهامي أن العنوان فيه مذمة لنصرالله. فقال إن تغيير الاسم من ”حسن نصر الله إلى حسن نصر غزة“ فيه ”حط وانتقاص من حسن نصر الله إذ هو لم ينصر الله بل نصر غزة وحدها، بينما عادى الله وقاتل عباده في الشام.“
لكن إلهامي أصر أنه لم يرتكب خطأ. وأن نصرالله نصر غزة حقاً. وهذا ما كرره محمد الصغير، رئيس الهيئة، الذي قال إن ”للحق وجوهاً متعددة.“ ومن ذلك أنه ”لا ينسى تاريخ حسن نصرالله ومجازره في سوريا وغيرها.“ لكنه في الوقت نفسه لا ينسى أن نصرالله قُتل ”لإسناده غزة.“
رد عليه هاني السباعي في خطبة الجمعة ١١ أكتوبر. السباعي خاطب الصغير والهيئة متسائلاً: ”ألا تستحون؟! … وكأن قتل المسلمين في سوريا والعراق شيئ عادي!“
وهنا انتقل السباعي إلى توصيف ”الانتصار“ الذي يقول به أنصار حماس وحزب الله. يقول: ”انتصار آيه؟ ده دمار وقتل.“
وفي هذه المسألة تحديداً نذكر ما قاله طارق عبدالحليم في حسابه على التلغرام. قال: ”المشكلة أن العامة، ومن ورائهم الإعلام المضلل، ومن ورائهم رؤوس الكارثة (مكتب حماس والفصائل)، ومن ورائهم إعلام إيران وأذرعتها، قد استغلوا سطوة الضربة الأولى (٧ أكتوبر) وحرفيتها، التي لا نماري فيها، وإصابتها غرور المحتل، فنسجوا بها ثوبا سموه ‘النصر‘ يغطي على كافة ما يأتي بعدها من مصائب وكوارث عامة، لا يتخيلها عقل … هذا الغطاء، قد صيروه كفناً، يتدثر به عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والعجائز، الذين لا حيلة لهم ولا مهرب ولا مخبأ، إلا مواجهة الموت.“
حراس المسرى
مع كل الجدل الدائر حول حماس وتصدرها مشهد الحرب في غزة، حاملة وزر علاقتها الإيرانية، بدأ البعض يتحدث عن جماعات أخرى تشارك في الحرب ضد إسرائيل. تبرز منها جماعة سرية حراس المسرى التي تستمر في توثيق هجماتها ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي.
ظهرت هذه الجماعة على التلغرام في أغسطس الماضي بنشرات أرشيفية من هجمات ضد إسرائيل تعود إلى عامين. البيان رقم ١ لها كان في ٧ أغسطس ٢٠٢٢ توثيقاً لهجمات صاروخية في محيط غزة. فمن هي هذه الجماعة؟
بعض أنصار القاعدة كانوا قالوا إنها تتبع ”جيش الأمة في بيت المقدس.“ لكن الأرجح أنها مختلفة. جيش الأمة كان صرّح أن لا علاقة تنظيمية تربطه بالقاعدة. أما هذه الجماعة، فنشرت في ٥ سبتمبر الماضي بياناً يوضح هويتها التنظيمية. لم يذكر البيان تنظيم القاعدة لا نفياً أو تأكيداً؛ في المقابل، قال البيان إنه يرفض تنظيمات مثل داعش. البيان رفض أيضاً أي علاقة مع إيران أو حزب الله. في المقابل، خلا البيان من أي إشارة إلى فلسطين كوطن أو جغرافيا؛ فمشروع الجماعة يهدف إلى ”إعلاء كلمة الله وتحكيم شريعته في الأرض، ونصرة للمسلمين والمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.“
هجمات القاعدة في غرب إفريقيا
تواصل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، جناح القاعدة في غرب إفريقيا، شن هجمات منسقة ضد الجيش وقوات فاغنر الروسية في مدينة بير قرب تمبكتو وسط مالي.
مما نشرته الزلاقة، الذراع الإعلامية لجماعة نصرة، ووسائل إعلامية معنية بالمنطقة، يبدو أن الهجمات بدأت يوم ٦ أكتوبر في بير. الجيش المالي قال إنه صد الهجوم وقتل أحد قيادات نصرة واسمه جليبيب الأنصاري العزة ولد يحيى. الزلاقة وصفت الأنصاري بأنه ”أمير سرية القدس“ في الجماعة. أتبع ذلك هجوم انتحاري مركب نفذه يوم ٨ أكتوبر ثلاثة انتحاريين يركبون عربات مفخخة. الزلاقة نشرت صورهم وهم: أبو عمر الفولاني، وجلال الدين الطارقي وإدريس الطارقي. وبالتزامن مع هذا، أطلقت الجماعة صواريخ غراد على مطاري تمبكتو وغاو العسكريين. هذه الهجمات المتزامنة والمنسقة تأتي تذكيراً باقتحام جماعة نصرة مطار باماكو الدولي في ١٧ سبتمبر الماضي.
إيرلندا ”ملعب“ للجواسيس الروس
انشغلت الصحافة الإيرلندية هذا الأسبوع بعنوان ”إيرلندا ملعب للجواسيس الروس.“
بدأت القصة عندما كشفت صحيفة Sunday Times البريطانية ن أن برلمانياً إيرلندياً تعاون مع الاستخبارات الروسية في تجنيد أعضاء آخرين إبان مفاوضات البريكسيت.
اللافت أن بعض المسؤولين الإيرلنديين لم يبدوا استغراباً فاعترفوا بضعف الإجراءات الأمنية في هذا البلد الأوروبي الذي يُعد قبلة القارة التكنولوجية. في إيرلندا عدد كبير من الشركات الأمريكية العالمية والتقنية مثل أبل. وهكذا، يجد الروس أن إيرلندا توفر إمكانيات عالية وأمنيات منخفضة. وهو ما يشكل قلقاً لحلف الناتو. فثمة اعتقاد أن روسيا لا يمكن أن تتفوق على القوة العسكرية للناتو في حرب تقليدية لكن الحساب مختلف عندما يتعلق الأمر بحرب ”هجينة“ أي خليط من التجسس وبث الدعاية المغرضة والأخبار الزائفة والهجمات السيبرانية، واغتيالات.
فشل أمريكا في حماية الأفغان على أراضيها
أعلن مكتب التحقيقات الفدرالية الأمريكية FBI اعتقال أفغاني بتهمة التخطيط لهجوم يوم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. السلطات الأمريكية قالت إن المعتقل، ناصر أحمد توحيدي، أقر بولائه لداعش خراسان. في التفاصيل أن توحيدي وصل إلى أمريكا في سبتمبر ٢٠٢١ بعيد سيطرة طالبان على الحكم في كابول. بدأت الشكوك تحوم حوله عندما عرض ممتلكات خاصة للبيع على الفيسبوك؛ وبعد أن استعرض متاجر لشراء بنادق أوتوماتيكية.
في هذه القصة أمران لافتان بحسب ما نقله باحثان. أولاً، قال آرون زيلين في موقع Jihadology إن هذه ليست أول مرة يُعتقل فيها أفغاني في أمريكا بتهمة الانتماء إلى داعش مضيفاً أن هذا الحدث المتصل بتهديد داعش خراسان للأراضي الأمريكية هو الثامن من نوعه منذ ٢٠١٦. ومن هنا يظهر أثر هذا الفرع في التخطيط لهجمات خارج خراسان التقليدية: أفغانستان، باكستان. هذا الفرع كان مسؤولاً عن هجوم موسكو في مارس الماضي.
الأمر الثاني هو ما نقله الصحفي الأفغاني بلال صرواري عندما قال إن توحيدي كان يعمل في أفغانستان مع الاستخبارات الأمريكية CIA في ٢٠١٩، وإنه تم إجلاؤه وأهله إلى أمريكا بعد سيطرة طالبان. في أمريكا، نجح في متطلبات الإقامة لكنها تأخرت على ما يبدو.
يعلق صرواري أن فشل السلطات الأمريكية في متابعة شؤون من عملوا معهم في أفغانستان يجعل هؤلاء الأفغان هدفاً سهلاً لأطراف أكثر من داعش؛ فهناك شبكة حقاني وطالبان أنفسهم. يضيف صرواري أن بعض هؤلاء الأفغان الذين ضاقوا ذرعاً بالوعود الأمريكية اختار الانتحار أو العودة إلى أفغانستان حيث تقتص منهم طالبان.
من ناحية أخرى، نقل صرواري أن المئات من سجناء داعش هربوا من السجون الأفغانية عندما سيطرت طالبان على الحكم في أغسطس ٢٠٢١. عددهم كبير منهم وصل إلى دول غربية منها أمريكا ومنهم قياديون معتبرون مسؤولون عن التخطيط لهجمات انتحارية شديدة. وعليه، أي من هؤلاء سيكون في موقع جيد للتخطيط لهجمات في المستقبل. وهذا يذكر بما كشفت عنه الباحثة فيرا ميرونوفا العام الماضي عندما قالت إن دواعش ”سابقين“ من القوقاز تحديداً كانوا يحاولون التسلل إلى أمريكا من جهة المكسيك.
هدم ‘صرح الخلافة‘ في الواقع والمواقع
في ظل اختفاء مؤسسة ”إنتاج الأنصار“ التابعة لداعش، يكتب حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي مجدداً عن فوضى إعلام التنظيم. مرد المناوشات هو تأخر رجوع القنوات التي تحوي المواد الأرشيفية التابعة للتنظيم ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية بعد الحذف على التلغرام ومنصات أخرى. يقول الحساب إن خلافا نشب بين إنتاج الأنصار وصرح الخلافة وهي الجهة الرسمية المعنية بالأرشيف. السبب في هذه الخلافات هو ”التباين العقائدي“ بين القائمين على هذه المنصات. يقول الحساب: ”الأمر الفاضح هو أن ديوان الإعلام الذي يعلم علم اليقين بهذه التحزبات والصراعات والتكفير والتخوين … (لكنه) غير قادر، بل ولا يجرؤ على حسم الأمر … لأن في ذلك هدم لـ ‘صرح الخلافة‘ في الواقع والمواقع.“
-
الطوفان والزلزال
طوال العام الماضي، وصف جهاديون حرب ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ بأنها طوفان ”أغرق“ غزة وأهلها، فيما وصفها آخرون ”بسبتمبر الصغرى،“ أو ”الزلزال“ الذي ”أحيا قضية الأقصى.“ وفيما وصفها البعض ”بالوعد“ الذي تحقق ”بترويع“ اليهود؛ اعتبرها آخرون كارثة وضرباً من ”عوار“ حماس. فئة قليلة آثرت الصمت من باب ”في فمي ماء.“
هذه المواقف المتباينة داخل الجماعات الجهادية - والإسلامية عموماً - ليست جديدة؛ لكن إطالة أمد الحرب وحجم الدم المُسال عمّقها إلى حد قد يصعب ترميمه. فأسباب الخلاف هنا تتعلق بمفاهيم عقدية تُشكل عقلية الجهاديين أو السلفيين أو الإسلاميين عموماً. أولاً، ثمة اعتبارات الوطنية ”وقدسية“ القضية الفلسطينية. وبالتالي، هل حماس ”تجاهد“ من أجل إقامة ”حكم إسلامي“ يفضي إلى ”خلافة“ مثلاً؟ لا. بل إن هذه من نقاط الخلاف بين الجهاديين وحماس. ومن ذلك أن حماس شاركت في انتخابات تشريعية وتزعم الديمقراطية وترفع العلم الفلسطيني. وكلها مفاهيم كفرية بحسب الجهاديين. ومن ذلك أيضاً أن حماس قتلت أبا النور المقدسي وتلاميذه في مسجد ابن تيمية في رفح في أغسطس ٢٠٠٩ بعد أن أعلن إقامة ”إمارة إسلامية“ في غزة.
الاعتبار الثاني والأهم هو تبعية حماس المعلنة لنظام الحكم في إيران، وهو نظام يمثل مذهباً يكفّره ”معظم“ الجهاديين؛ ومن هنا يقولون إنه نظام يقتل أبناء ”السنة“ في العراق وسوريا ولبنان واليمن. فهل يستقيم إذاً أن يؤيد الجهاديون حماس التي تتصدر هذه الحرب في غزة؟ أم يلتزمون الحياد مثلاً؟
يزيد الطين بلة أن حماس، منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، لا تتوانى في وصل إيران. في اليوم الأول للحرب، نُقل عن قائد كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أن دعا ”إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين.“ في هذا الموقف، ترى حماس نفسها امتداداً لأذرع إيران في المنطقة. ومن ذلك امتعاض قيادة جناح العسكري برد الفعل ”الباهت“ من حزب الله وطهران في بدايات الحرب. فكانت توقعاتها كبيرة بحجم فهمها للعلاقة والوصل.
لهذه الاعتبارات، رأى بعض الجهاديين أن يرفضوا حماس جملة وتفصيلا وألاّ ”يفرحوا“ بفعلها ما كان؛ أو أن يلتزموا الصمت على أقل تقدير. لكن آخرين رأوا أن ثمة هامشاً رمادياً يستطيعون فيه ”المشاركة“ في حدث كهذا يتمتعون فيه ”بنشوة نصر“ من قدرة حماس على الصمود في وجه إسرائيل هذه المدة. لكن هذه المواقف لم تأتِ في صمت، بل صاحبها لغط وصل بالمختلفين من أبناء التيار الواحد إلى القطيعة تشبه - فكرياً - ما كان من انفصال طيف من الجهاديين، عواماً ونخباً، عن داعش في خلافها مع القاعدة في ٢٠١٣ / ٢٠١٤.
الإعلام الجهادي الرسمي
أما داعش، فلم يأتِ موقفهم بجديد طوال عام لا على مستوى الرسمي ولا الأنصار. فداعش لا يدعو إلا إلى التقتيل والأرض المحروقة. في ١٩ أكتوبر، أعلن التنظيم أول مرة عن موقفه الرسمي من الحرب وذلك في افتتاحية العدد ٤١٣ من صحيفة النبأ الأسبوعية. الافتتاحية بعنوان ”خطوات عملية لقتال اليهود“ دعت إلى ”قتل“ اليهود في أي مكان وكل مكان بغض النظر عن ارتباطهم بإسرائيل؛ بل وقتل كل من يواليهم أو يعطيهم الأمان أو يمتنع عن قتالهم لأي سبب. يعني بإختصار، استهداف الجميع في هذا العام.
أما إعلام القاعدة وأنصارِها ومن لف لفيفهم فكانت مواقفهم متباينة. في الأيام الأولى للحرب، سارعت أفرع القاعدة إلى إصدار بيانات باركت ٧ أكتوبر. لكن لفت تفاوت تلك البيانات في التصريح باسم حماس وكتائب القسام. ومرد ذلك إلى تبعية حماس لإيران وفتاوى ”الترقيع“ التي ميزت بين جناح حماس السياسي الموالي لإيران؛ وجناح حماس العسكري ”المجاهد.“ وإن تمايزت بيانات القاعدة الرسمية في هذا الباب، إلا أنها توافقت في ركوبها الموجة ومحاولة الحصول على شيئ من استحقاق ”الجهاد“ في فلسطين الذي طالما تغنوا به. فكُتبت البيانات بلغة فوقية تشي بأن ”جهاد“ الفلسطينيين في غزة هو امتداد لجهادِهم هم.
في ١٣ أكتوبر ٢٠٢٣، نشرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيان تأييد للفلسطينيين لم يأتِ على ذكر حماس أو كتائب القسام؛ واكتفى بالإشارة إلى ”مجاميع المجاهدين في فلسطين“؛ متعهداً بالوقوف معهم ”صفاً واحداً في نفس خندق القتال.“ في نفس اليوم، نشر تنظيما القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ونصرة الإسلام والمسلمين، بياناً مشتركاً بعنوان ”وارتاعت يهود لقرب وعود“ تعهدا فيه بأن مقاتلي التنظيمين ”(يسابقون) الزمن ليتحصل لنا من المكنة ما يوصلنا إليكم لنحرر بيت المقدس.“ البيان ذكر كتائب القسام دون أن يذكر تبعيتها لحماس. ومثلهم تنظيما القاعدة في اليمن وفي شبه القارة الهندية. كلاهما ذكرا لفظ كتائب القسام دون حماس في بيانين بتاريخ ٩ و ٨ أكتوبر تباعاً. أما جماعة الشباب التابعة للقاعدة في الصومال، فلم يذكروا لا حماس ولا الكتائب في بيان ١١ أكتوبر.
القطيعة بين أبناء التيار الواحد
الخلافات بين منظري الجهادية الذين نعرفهم كانت أكثر حدة؛ بل اتسعت لتشمل نخبة مثقفة مناصرة تقليدياً للجهاديين والسلفيين والإسلاميين عموماً. اشتدت هذه الخلافات إلى حدّ القطيعة بدءاً من منتصف سبتمبر ٢٠٢٤ عندما كثفت إسرائيل ضرباتها ضد حزب الله مستهدفة رأس الجماعة حسن نصرالله.
والحقيقة أن أكثر ما لفت في هذه الخلافات الأخيرة هي قدرة الجهاديين على الفصل بين الجماعتين المواليتين لإيران. فبحسبهم، ولاء حماس لإيران استراتيجي أو تكتيكي وليس عضوياً؛ أما حزبُ الله فولاؤه مذهبي ووجودي. ولهذا رأينا أنه بالرغم من امتعاض بعض الجهاديين من حماس إلا أنهم لم يبدوا ”فرحاً“ بالهجمات الإسرائيلية على غزة. على النقيض من ذلك، أبدوا فرحاً غامراً بهجمات إسرائيل ضد مقاتلي حزب الله وأنصاره في جنوب لبنان وضاحية بيروت. مع هذا، ظلت حماس ترد الصاع للجهاديين المؤيدين بتمجيدها حزبَ الله وقتلاه.
تظهر حدة الخلافات عندما نجد أن أعداء رأي تقليديين اتفقوا في موقفهم من حماس والحرب عموماً، بينما اختلف رفاق قدامى؛ وهذا ما ظهر فيما كتبه أربعة جهاديين في الفترة من ٢٨ نوفمبر إلى ٢ ديسمبر ٢٠٢٣.
هؤلاء هم نائل الغزي وأبو محمود الفلسطيني وكلاهما ينتميان إلى نهج أحد أقطاب الجهادية أبي قتادة الفلسطيني. فيؤيدان هيئة تحرير الشام في إدلب، ويخالفان القطب الآخر أبا محمد المقدسي. الآخران هما طارق عبدالحليم وأبو علي العرجاني وهما يخالفان أبا قتادة وهيئة تحرير الشام. أما بالنسبة للمقدسي، فنجد أن عبدالحليم يتفق معه فيما يخالفه العرجاني. المفارقة هي اتفاق المختلفين واختلاف المتفقين فيما يتعلق بغزة. فاختلف الغزي وأبو محمود حول علاقة حماس مع إيران. الغزي لا يراها عيباً وأبو محمود يراها كذلك. واتفق في هذا الغزي مع العرجاني الذي اختلف بدوره مع عبدالحليم في توصيف الانتصار في غزة. فبينما اعتبر العرجاني أن تحالف حماس مع دول إشكالية مثل إيران يشبه تحالف ”الثوار في سورية“ في بداية الحراك ”مع بعض الدول فضلاً عن جماعات منحرفة ضالة أو مرتزقة.“ قال عبدالحليم إن سلوك حماس ”عوار ما بعده عوار.“
مثال آخر على التخبط في موقف منظري الجهادية من حماس، نراه فيما أفتاه أبو محمد المقدسي. المقدسي غاب من السوشيال ميديا طوال العام الماضي، ويبدو أنه اختار الصمت باعتبار أن ”التوقيت“ لا يسمح بإثارة فتاوى ضد حماس التي بحسبه تصب في باب ”التخذيل عن نصرة أهل غزة.“ يُسأل المقدسي دوماً عن فتواه في موقعه ”منبر التوحيد“ في ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٩، التي قال فيها: ”فمن كان من كتائب القسام لا ينصر الحكومة (أي حكومة حماس) التي تعطل شرع الله وتحكم بالقوانين الوضعية وتتخذ الديمقراطية التشريعية منهجا … إن وجد (هذا العنصر) فلا نكفره؛ لكن … مثل هذا لا يمكن أن يوجد إلا باعتزاله العمل وبقائه تحت كتائب القسام بالاسم فقط." بعد أربعة أيام، ناقض المقدسي نفسه عندما قال إنه: "لم يصدر مني تكفير للحركة ولا تكفير لكتائب القسام بالعموم ولا بالتعيين.“
العلاقة الإيرانية
إذاً، في الأيام الأولى للحرب، بدا واضحاً أن إيران غير مستعدة للقتال ”نيابة“ عن حماس أو ”نجدة“ لها. وهذا كان واضحاً في خطاب أمينِ عام حزبِ الله السابق، حسن نصرالله، يوم الجمعة ٣ نوفمبر ٢٠٢٣؛ وهو الخطاب الذي أبكى حزناً أشد مؤيدي الحزب وحماس على حد سواء؛ ممن توقعوا من الحزب أكثر من ذلك. في توصيف سلوك إيران هذا من غزة، لفت منشوران أو ثلاثة في أكتوبر الماضي. قناة علي فريد على التلغرام استرجعت إرث الإمام الحسين بنِ علي رضي الله عنهما وتعرضَه للغدر. فكتبت تحت عنوان ”الحُسين يُقتل من جديد“ أن ”أرسلَ له الشيعةُ أن اخرج إلينا نقاتل بك وتقاتل بنا.. فلما أجابهم رضي الله عنه وخرج لهم؛ تركوه للقتل؛ فكانوا والله قَتَلَتَه على الحقيقة.“
في المقابل، أدعياء إيران مثل الجهادي مصطفى حامد أبي الوليد المصري، صهر سيف العدل الزعيم الفعلي للقاعدة، ردّوا على منتقدي إيران باعتبار أن المسؤولية عن حماس تقع على عاتق السنة وليس على عاتق إيران وشيعتها. وفي الرد على هذا الادعاء، قال معارضو إيران من أمثال علي فريد: ”(إن) إيران الخمينية؛ فقد أَسَّسَت سَرديَّتَها الدعائية كلَّها على ما أسمته مجاهدةَ الشيطان الأكبر، ونصرة المستضعفين، ومقاومة الاستكبار العالمي.. كما أنشأت فيلقاً من القتلة والمجرمين أسمته (فيلق القدس) قَاتَلَ في كل مكانٍ من بلاد المسلمين عدا القدس!“
أهم من عبّر عن هذا الامتعاض من سلوك إيران كان الأمين العام السابق لحزب الله، الشيخ صبحي الطفيلي، الذي قال في خطبة يوم الجمعة ٣ نوفمبر ٢٠٢٣، إن إيران تلعب دوراً بائساً مريباً ومعادياً لطموح المسلمين.
زيلين: القاعدة تدريب ”إرهابيين“ جدد
بالرغم من موقف القاعدة هذا، يحذر خبراء من أن التنظيم قد يسعى لاستغلال مشاعر العَداء لإسرائيل في تدريب جيل جديد من ”الإرهابيين“ في أفغانستان. الدكتور آرون زيلين، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يشير في هذا السياق تحديداً إلى أمرين. أولاً، سلسلة ”هذه غزة“ التي كتبها الزعيم الفعلي للقاعدة، سيف العدل، منذ ٣٠ أكتوبر الماضي وتحديداً الجزء الأخير المنشور في يوليو الماضي الذي وضع فيه استراتيجية للتدريب على استهداف ”اليهود“ في العالم حتى وإن تطلب ذلك التجنيد الإجباري في الجيوش المحلية. الأمر الثاني الذي لفت إليه زيلين هو إعادة ظهور ما يُسمى سرايا حراس المسرى في قطاع غزة وهي جماعة جهادية سلفية لا علاقة تنظيمية تربطها بحماس. كما أنها لم تبايع القاعدة. وفي يوم ١٤ سبتمبر، أعلنت عن غارة نفذها مقاتلوها على مستوطنة إسرائيلية. عودة ظهور هذه الجماعة كان محاولة من الجهادية لإثبات أن غزة ليست حكراً على حماس وبالتالي يتحللون من تأييد حماس السياسية أو العسكرية.
مفهوم النصر
والآن، ندعو أن يأتي هذا اليوم العام المقبل دون الحاجة إلى نبش أرشيف في الذكرى الثانية لهذه الحرب الأليمة. إلى أن تنتهي الحرب، نسأل: ماذا تحقق؟ ما هو ”النصر“ الذي يتغنى به الجهاديون؟ ”نحن بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم الانتصار“ كما يقول الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة أديان ومدير مركز دراسات السلام واللاعنف في أتلانتا بأمريكا. يقول: ”لا يختلف المسلمون على ضرورة تحرير الأقصى سواء مدافعة سلمية أو مقاومة مسلحة. لا يختلفون على قدسية المكان وضرورة عودة المسجد الأقصى كاملاً وليس مجرد إدارة أو إشراف. لكن الإشكالية بالأسلوب المتبع وحجم الخسائر. هذه قواعد فقهية. دفع الضرر الأكبر مقدم على الضرر الأصغر. إذا كنا نحقق نتائج معينة ولكن في المقابل ندفع أثمان باهظة مقابلها فهذا مخالف للقواعد الأصولية الشرعية.“
-
الجهاديون وحسن نصرالله
إذاً، قتلت إسرائيل حسن نصرالله أمين عام حزب الله، ذراع إيران الطولى في الشرق الأوسط. من نافلة القول أن الجهاديين قاطبة ”فرحوا“ بهذا النبأ فرحاً زاد عن موقفهم من واقعة تفجير أجهزة البيجر يومي ١٧ و١٨ سبتمبر. لكن بالنظر إلى ضخامة الحدث وتتابع الهجمات الإسرائيلية على الحزب، ثمة ملاحظات نحب أن نتوقف عندها.
أولاً، يُردّ هذا الإجماع - في جزء كبير منه - إلى سلوك الحزب في سوريا مسانداً نظام بشار الأسد ضد المعارضة منذ انطلاق الحراك الشعبي هناك في ٢٠١١. وهو موقف يلتقي فيه الجهاديون مع المعارضة السورية على اختلاف أطيافها.
ثانياً، هذا الإجماع أوجد شرخاً بين الجهاديين وطبقة من المشايخ والمثقفين المعروفين بقربهم من التيار الجهادي والإسلامي بشكل عام. هذه الطبقة تستند إلى اعتبار دعم حزب الله القضية الفلسطينية وبالتالي فإن قتل كوادره لا يستحق فرحاً أو ”شماتة.“ بل يعتبرون حسن نصرالله امتداداً ”للمقاومة الفلسطينية“ بدءاً من عزالدين القسام وعبدالقادر الحسيني وانتهاءاً باسماعيل هنية مروراً بأحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي. تستند هذه الطبقة أيضاً إلى تحييد مسألة المذهب شيعياً أم سنياً باعتبار أن العدو المشترك هو إسرائيل وحسب.
لكن بعض الحسابات المناصرة للقاعدة مثلاً ذهبت إلى حسم الموقف بأن الفرح بقتل نصرالله لا يتعلق بسلوك الحزب سياسياً في سوريا بمقدار ما هو دليل على مسألة عقدية أزلية تتعلق بمفهوم التوحيد. وهو موقف اتخذته أيضاً حسابات جهادية سورية وغير سورية معارضة لهيئة تحرير الشام وموالية لها على حد سواء. فأشاروا في غير هيئة إلى أن تدخل الحزب في سوريا كان مذهبياً. نشروا صوراً وفيديوهات تذهب هذا المذهب.
حسابات جهادية أخرى سألت ما إذا أمكن لموقف هذه ”النخبة“ من المثقفين والمشايخ المؤيدين لحزب الله أن ينسحب على تنظيم داعش وزعيمه المقتول أبي بكر البغدادي من حيث دين هذه الجماعة وهوية القاتل. في الحالين، المقتول مسلم والقاتل كافر. فكيف يستقيم هذا عند هذه النخبة، يسأل بعض الجهاديين.
ثالثاً، إجماع الجهاديين على الفرح بقتل نصرالله إلى حدّ ”الشماتة“ جاء مشفوعاً بمحاولة عزل الحزب عن حماس بالرغم من الأثر الإيراني في الجماعتين. هؤلاء يرون أن الحزب امتداد عضوي لإيران لأنه يتشارك معها المذهب والتمويل والتنظيم والأهداف؛ أما حماس فعلاقتها بإيران تقتصر على التمويل. ولهذا، اتخذت حسابات جهادية من الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله دليلاً على ضعف الحزب مقابل قوة حماس. يقول حساب قاعدي إن إسرائيل أخفقت في الوصول إلى يحيى السنوار زعيم حماس مقابل وصولها إلى زعيم حزب الله وقيادات الصف الأول جميعاً. آخر لفت إلى الفرق بين الجماعتين في الحفاظ على حياة الحاضنة الشعبية. يقول: ”تأملوا الفرق بين اختفاء قادة القسام في الأنفاق وأخذ التدابير بقوة وبين تخفي قادة حزب الرافضة في المباني السكنية وفي مناطقه المعروفة.“
لكن، بالرغم من هذا، لم يخف مناصرون امتعاضهم من سلوك حماس - السياسية والعسكرية - التي أجزلت العزاء بنصرالله. حساب علّق على بيان لكتائب القسام يشيد ”بتضحيات“ نصرالله و“ وأُخُوّة السلاح على طريق تحرير القدس،“ وقال: ”أي تحرير … التحرير الذي يبدأ من القصير والزبداني مرورا بحمص وأطفال الحولة أم بحلب والغوطة ودرعا … أي قدس يتحدث عنها هذا.“
رابعاً، ما انفك الجهاديون - بل وأطياف واسعة من المعارضة السورية - يؤكدون أن الفرح بقتل نصرالله لا يعني الفرح بالقاتل. رداً على كاتب جملة ”شكراً نتنياهو،“ قال حساب أبو يحيى الشامي المعارض في إدلب: ”هذه العبارات لا تمثل أهل الثورة.... ولو أن في الفصائل خير لقبضت عليه (كاتبها) ليحاكم بجرم الخيانة. الفرح بمقتل الرافضي العدو لا يبرر شكر الصهيوني العدو.“
خامساً، اسقط معارضو هيئة تحرير الشام ظروف قتل نصرالله على ظروف بقاء أبي محمد الجولاني زعيم الهيئة. فاعتبروا أن نصر الله ظل يتعهد لأنصاره بهجوم يسحق إسرائيل ولكن بتأن. وقالوا إنه موقف يشابه ما يدعيه الجولاني عندما يقول إنه ”يحضّر“ للمعركة مع النظام السوري ولكن بصمت. وعليه ما انفك الجولاني يكتفي بالوعود وعمليات انغماسية استعراضية، وافتعال مشاكل مع أهل الثورة، حتى يلقى مصير سلفه.“
داعش وحزب الله
في تعليق داعش الرسمي على تفجيرات أجهزة البيجر في عناصر حزب الله في لبنان، وفي صحيفة النبأ الصادرة يوم الخميس ٢٦ سبتمبر، أي قبل نبأ اغتيال نصرالله، قالت داعش إن ”اشتعال الصراع بين الرافضة واليهود يصب قطعاً في مصلحة المسلمين تماماً كأي صراع جاهلي بين الكافرين.“
وتزيد افتتاحية النبأ التي جاءت بعنوان ”بئس المسار وبئس المصير،“ أن ”زوال وتراجع المحور الرافضي خير ومصلحة كبيرة للمسلمين، لأن المحور الرافضي بات فتنة لكثير من الفئات المنتسبة للسنة، كالإخوان المرتدين مثلاً.“ وهنا تشير النبأ إلى موقف بعض السنة من تمايز سياسة حزب الله في غزة وسوريا وبالتالي انتقاد هؤلاء ”فرح“ الجهاديين والسوريين بما أصاب الحزب في لبنان.
حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي وصف هذه الافتتاحية بعنوان ”شر البلية ما يضحك“ مذكراً بأن التنظيم في ٢٠١٧ أبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع الحزب لتأمين نقل عناصره وأسلحتهم ”في باصات مكيفة ومؤمنة من طرف ‘الحزب‘ من جبال القلمون الى البوكمال.“ الحساب استشهد بما قاله نصرالله عن الواقعة في كلمة نقلها موقع الحزب الرسمي.
الدكتور أبو خالد
نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة لتنظيم القاعدة، الجزء الأول من فيلم وثائقي طويل عن سيرة حياة الدكتور محمد سربلند زبير خان المعروف بالدكتور أبو خالد. وهو جرّاح باكستاني عمل مع الجهاديين العرب في باكستان وأفغانستان.
ما مناسبة هذا الإصدار؟ هذا الجزء الأول هو في الحقيقة امتداد لسلسلة ”شهداء الهند تحت راية النبي“ لزعيم القاعدة الغائب الدكتور أيمن الظواهري. في ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢، نشرت السحاب الحلقة الأولى من هذا الإصدار المتعلق بثلاث شخصيات من شبه القارة الهندية عملوا مع القاعدة وهم: قاري عبدالله المعروف بـ قاري عمران، وكان عضو مجلس شورى القاعدة في شبه القارة الهندية ومسؤول منطقة خراسان. قُتل في شمال وزيرستان، شمال غرب باكستان، في ١٢ أبريل ٢٠١٥ في غارة بطائرة مسيرة. الثاني هو راجه محمد سلمان المعروف بالأستاذ أحمد فاروق وكان نائب أمير القاعدة في شبه القارة الهندية ومسؤول لجنة الدعوة والمالية في التنظيم. والثالث هو الدكتور أبو خالد. هذا الإصدار يُذكّر أيضاً بسلسة ”احمل سلاح الشهيد“ للظواهري والتي بدأتها السحاب في مايو ٢٠١٦، وعرضت منها ستة أجزاء. كان آخرها في نوفمبر ٢٠١٧. المهم في هذا كله هو أن القيادة العامة تعيد تدوير إنتاجها وإسقاط مقاطع صوتية قديمة للظواهري بمونتاج جديد.
هذا الإصدار إذاً يتناول سيرة الدكتور أبي خالد وكان من قادة الجماعة الإسلامية الباكستانية وناظماً في جمعية إسلام طلبة. من مناقبه مع القاعدة أن شارك وأقارب له في الجيش الباكستاني بتأمين بيوت سرية للمجاهدين من أمثال القيادي الرفيع أبي اليزيد المصري وأبناء أسامة بن لادن. في ٢٠٠٦، ترك عمله مديراً عاماً في مستشفى حكومي ”وهاجر“ إلى وزيرستان“ مع زوجته الطبيبة لحاجة الجهاديين هناك إلى الطبابة. هنا ينتهي الجزء الأول.
مما جاء في هذا الإنتاج عالي الجودة الغني بالأرشيف عرض صور للقيادي في القاعدة خالد حبيب المصري المقتول في ٢٠٠٨. الصحفي الأفغاني المتخصص عبد السيد لفت إلى أن هذه أول مرة تُعرض فيها صور هذا القيادي. كما لفت إلى مشهد فيه مقاتلون يغادرون شمال وزيرستان لشن هجمات ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، يقودهم أبو الليث الليبي من القاعدة والملا سنغين زدران من طالبان أفغانستان. السيد نقل عن مصدر في طالبان أن الصور تعود إلى العام ٢٠٠٣. المشهد ذاته لفت الصحفي الأفغاني بلال صرواري الذي ذكّر بالعلاقة المتشنجة بين أفغانستان وباكستان، وقال في حسابه على إكس إنه ”من سخرية القدر“ أن باكستان كانت تدعم التعاون بين طالبان باكستان وطالبان أفغانستان والقاعدة لشن هجمات في أفغانستان وهاي هي باكستان اليوم تتجرع الكأس ذاته بتلقي هجمات مماثلة عبر الحدود برعاية طالبان.
بقايا القاعدة غرب سوريا
مساء الثلاثاء ٢٤ سبتمبر، شنت القيادة المركزية الأمريكية غارة على بلدة دوير الأكراد في ريف اللاذقية مستهدفة عناصر من تنظيم حراس الدين وجماعة أنصار الإسلام.
بيان السينتكوم قال إن المستهدف كان مروان بسام عبدالرؤوف؛ ووصفه بأنه ”أحد كبار قادة حراس الدين المسؤولين عن الإشراف على العمليات العسكرية من سوريا“ والتي قد تمتد إلى خارج سوريا. وهي نفس اللغة المستخدمة في بيان استهداف القيادي أبي عبدالرحمن المكي في أغسطس الماضي.
معارضو هيئة تحرير الشام بالإضافة إلى أنصار القاعدة نشروا على التلغرام بيانات تعزية بالقتلى من دون أن يتضح من منهم كان مروان بسام عبدالرؤوف.
التعازي وصفت القتلى بالمهاجرين؛ فذُكر منهم البلوشي والأردني والملا. أما عن انتمائهم إلى القاعدة، فلفت أن نشر حساب ”رسالة مجاهد“ وهو حساب ينشر كثيراً لحراس الدين، نشر نعياً بعنوان ”رثاء في ثلة من أبناء التنظيم“ من دون أن يذكر اسم التنظيم صراحة. وبالمطلق، أنصار الإسلام، وهم جماعة كردية القيادة، كانوا شاركوا حراس الدين في تأسيس غرفة عمليات فاثبتوا التي أغضبت هيئة تحرير الشام في صيف ٢٠٢٠.
وهكذا جدد معارضو الهيئة اتهامهم إياها بالتنسيق لتنفيذ هذه الغارات التي بحسبهم تقتل ”مرابطين“ يتصدون للنظام السوري، من ناحية؛ ومن ناحية ثانية، يستغربون كيف تتم هذه الغارات من دون أن تطال الجولاني وهو المطلوب الأول في المنطقة.
داعش القاعدة غرب إفريقيا
نشرت معرفات مناصرة للقاعدة مقالاً يتضمن شهادة عيان على ”مجازر خوارج البغدادي في مالي.“
الشاهد تحدث عن جرائم ”تشيب لها الولدان“ ارتكبتها جماعة داعش في مالية ممثلة بموالي أبي الوليد الصحراوي المقتول في أغسطس ٢٠٢١. يقول الشاهد إن هذه الجماعة كانت تستخدم ”التقية؛“ فكانت تحلّ في قرية تدعي السلام وتضمر تكفير القاعدة حتى تستقطب مقاتلين ثم تنقلب على المضيفين وتقتلهم تقتيلا. ومن هذه المجازر ما وقع في مضارب قبيلة دوسحاق في ٢٠٢٢؛ فقتل داعش ”ما يزيد على الألف وأحرقوا خيامهم وساقوا أغنامهم وأحرقوا مدنهم .“
يضيف الشاهد أن القوات الحكومية ومرتزقة فاغنر لم يتدخلوا لقتال هذه الجماعة؛ بل ”وقفوا ولا زالوا سداً منيعاً أمام زحفهم (المجاهدين من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.“ وهكذا استغلت جماعة داعش انشغال مقاتلي نصرة بقتال القوات الحكومية وفاغنر ”وبنوا تحالفات جديدة“ في المنطقة.
-
انفجار ”البيجرات“
انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكية (البيجر) في عناصر حزب الله في لبنان يومي ١٧ و ١٨ سبتمبر، استقطب ردوداً لافتة في أوساط الجهاديين من القاعدة إلى داعش إلى هيئة تحرير الشام ومعارضيها. فكاد كل معارض لحزب الله ”يفرح“ لموجة الانفجارات هذه. فلم يكن الحدث جدلياً أو على الأقل لم يخلق جدلاً حاداً كما كان الحال في الموقف من حماس بسبب علاقتها الإيرانية. في هذا الحدث، يميز الجهاديون تمييزاً واضحاً بين إيران العدو الذي يرعى حزب الله وإيران الحليف الذي يدعم حماس. العنصر الحاسم في هذا التمييز كان سلوك إيران وحزب الله في سوريا تحديداً. وهكذا، اعتبر الجهاديون على اختلاف أطيافهم أن ما طال الحزب مُستحق بالنظر إلى دوره في قتل السوريين منذ العام ٢٠١١. فنشروا النكات وعلّقوا على الفيديوهات المنقولة من لبنان بكلمة ”ترفيهي.“ آخرون اعتبروا أن التفجيرات أظهرت ”حقيقة“ الحزب من حيث أنه ”انتصر“ لعناصره برد رأوه أشد من رده على قصف أهل غزة. قلّة اعتبروا ”الشماتة“ غير لائقة، خاصة أن أطفالاً قضوا في هذه الانفجارات. للرد على هذا، نشرت مؤسسة النازعات، من إعلام القاعدة الرديف، مطوية بعنوان ”البرهان بجواز الفرح بهلاك حزب إيران.“ ومن لندن كتب هاني السباعي ”نعم يجوز إظهار الشماتة والسرور والحبور في مصائب حزب اللات بلبنان وإيران وفراخها الشيعة في اليمن والعراق؛ جزاء وِفَاقاً لجرائمهم ضد أهل السنة في أفغانستان والعراق وسورية واليمن ولبنان.“ وعندما سُئل السباعي عن الأطفال، قال: ”الشماتة هنا مقصورة على قادة حزب اللات.. أما أطفالهم فتوجد قرينة بديهية بأنهم غير مقصودين بالشماتة.“
مناصرو هيئة تحرير الشام ومعارضوها على حد سواء ”فرحوا“ لما حدث. الإعلامي أحمد زيدان كتب في التلغرام: ”كل من يطالبنا بالصمت وعدم الشماتة …. عليه أن يعلم أننا اليوم في #تفتناز نشيع شهيد ممرض، وشهيد صبي، بالإضافة ل ٨ جرحى مدنيين، بينهم أطفال، بقصف همجي وحشي ليلة أمس،“ نفذه حزب الله أو إيران. أبو محمود الفلسطيني كتب كذلك: ” لم أستطع فهم من أزعجه فرحة الشعوب المظلومة إذا حل بعدوها اللدود مصيبة؟ … لعل انزعاجهم كان بسبب الدفاع عن خياراتهم، والهروب من عقدة التحالف مع مجرم.“
ومثلهم معارضو الهيئة. تحت هاشتاغات مثل ”#لن_ننسى،“ نشروا صور توزيع الحلوى وصوراً من مجازر ضد السوريين شارك فيها حزب الله. لكن يبدو أن البعض حاول أن يُصوّر حماس معارضي النظام للتفجيرات بأنه فرح بإسرائيل، فانتشرت صورة يظهر فيها علم الثورة مع علم إسرائيل في صف واحد. صفحة ”من إدلب“ المعارضة علّقت على التلغرام: ”فرحنا بالضربات ضد الشيعة … في لبنان لا يعني أبدا أننا ندعم الكيان الصهيوني. (هاشتاغ) #الإيراني_والصهيوني_عدو.“
جماعة نصرة تقتحم مطار باماكو
يوم ١٧ سبتمبر، شن مقاتلو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة في غرب إفريقيا هجوماً منسقاً على عدة أهداف في العاصمة المالية باماكو كان أبرزها المطار الدولي.
بحسب ما نقلته صحيفة لوموند الفرنسية، بدأ الهجوم فجراً في قرية فلاجي على بعد ساعتين بالسيارة جنوب باماكو. القرية فيها مدرسة لتدريب الدرك ومقر وحدات النخبة من التدخل السريع. عند بعد الظهر، بدأ الهجوم في مطار موديبو كيتا الدولي في باماكو. بحسب الصحيفة، الهجوم على مقرات الدرك كان لشل حركتهم بحيث لا يردعون هجوم المطار الذي يضم جناحاً تجارياً وقاعدة جوية يديرها سلاح الجو المالي ووحدة من مرتزقة فاغنر الروس. قبل حلول المساء، كان الجيش استعاد السيطرة على المطار بعد أن قتل المهاجمون أكثر من ٧٠ شخصاً.
مؤسسة الزلاقة التابعة لنصرة نشرت صوراً وفيديوهات توثق الهجوم. ومما نشرته كلمة صوتية لأحد ”الانغماسيين“ واسمه أبو حذيفة البمباري تبنى فيها الهجوم وحذّر من قمع ”شعوب الفولان“ تحديداً، وهم عرقية تنتشر في إفريقيا وخاصة الساحل. أخيراً، تعرّض الفولان لحملات قمع وتعذيب من الحكومة العسكرية في باماكو لاتهامهم بالإرهاب. الزلاقة بثت أيضاً كلمة لـ أمادو كوفا الذي ينتمي إلى الفولان ويتزعم كتائب ماسينا، إحدى مكونات جماعة نصرة.
أنصار القاعدة في إحدى مجموعاتهم على التلغرام ابتهجوا بهذا الهجوم. أحدهم قال عن الطائرات التي عطّلها انغماسيو نصرة ”هذه الطائرات التي كانت تمطر أهلنا بالحمم ها هي خردة تحترق.“ وفي تعليق آخر: ”هذه الهجمات كانت تأتي فقط من حركة الشباب (في الصومال)، الآن تأتي من النصرة.“
آخر علّق: ”ياريت لو يسرقو الطيرات ويدخلو فيها امريكا. اللهم اعد غزوة الحادي عشر من سبتمبر.“ ومن هنا جاء تحذير الخبراء. الباحث المتخصص بافل وتشيك على منصة إكس وصف الهجوم هذا بأنه ”الأقوى أثراً بين هجمات القاعدة منذ سنين.“ وحذّر: ”لنتخيل الآن لو أنهم فعلوا الشيئ نفسه في عاصمة بوركينافاسو.“
بصمة القاعدة الرقمية
الذكرى الثالثة والعشرون لهجمات سبتمبر مناسِبة لدارسة إعلام القاعدة الرسمي خاصة المركزي مقابل إعلام داعش المركزي. فمن نافلة القول أن إعلام داعش الرقمي ”طموح“ أكثر بكثير من إعلام القاعدة. لكن ما يلفت خلال العقدين الماضيين، منذ هجمات سبتمبر، هو قدرة إعلام القاعدة على البقاء ”وإعادة بناء ذاته“ إلى درجة تثير القلق.
الباحث المتخصص مصطفى عياد كتب في موقع معهد الحوار الاستراتيجي The Institute for Strategic Dialogue (ISD) كيف استطاع إعلام القاعدة تخطي موجات الحجب ”بل وتكاثر“ على الإنترنت طوال عشرين عاماً الماضية مستفيداً من انشغال الجهات المعنية بالتصدي لإعلام داعش الرقمي. يستدل عياد على ذلك بالحملة الأخيرة التي قام بها اليوروبول ضد منصات داعش وحساباتهم الفردية والجماعات حتى كادت تختفي من ”الويب العميق dark web.“ إلا أن إعلام القاعدة لم يتأثر إطلاقاً بهذه الحملة. وهذا ليس استثناء.
يقول عياد إنه بالرغم من أن ”أيام مجد القاعدة أونلاين ولّت“ عندما كان التنظيم يدير ٥٦٠٠ موقعاً؛ ويشهد كل عام ظهور ٩٠٠ موقع جديد ومدونة ومنتدى؛ إلا أن قدرة إعلام القاعدة الرقمي على التعافي تثير القلق بما يستدعي البحث عن وسائل جديدة لمكافحته.
هتش ومعضلة ”الأمني العام“
نقل حساب شام الكرامة وشامة الشام المعارض لهيئة تحرير الشام معلومات قد تتطور إلى تغيير في الهيكلة الأمنية للهيئة على نحو ما رأينا في قضية العملاء. التغييرات تتعلق بأفراد كانوا ”ركائز“ لأبي أحمد حدود، الأمني العام في الهيئة ”قبل قضية العملاء.“ يقول حساب شام الكرامة إن الناطق الرسمي لجهاز الأمن العام حكيم الديري الملقب ضياء العمر استقال ”بسبب مشاكل بينه وبين حدود.“ كذلك انتقل أبو النور الديري مسؤول ملف داعش من الجهاز الأمني إلى الجناح العسكري. كما جرى ”تهميش“ براء الأمني ”وتكسير رتبته.“
داعش العراق والاختراق الأمني
يستمر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي في تسليط الضوء على الاختراق الأمني الذي تشهده ولاية العراق والذي تسبب في قتل ١٤ قيادياً دفعة واحدة في عملية للقيادة المركزية الأمريكية والقوات العراقية نهاية أغسطس الماضي. من المقتولين نائب والي العراق أحمد العيثاوي، وأبو علي التونسي الذي رصدت أمريكا مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه. من المقتولين أيضاً العسكري العام لولاية الأنبار أبو محمود العيساوي. هذا الأسبوع، نشر حساب قناة فضح صورة العيساوي، وقال إنه معروف ”بعلاقته المشبوهة مع العملاء والمخابراتيين وتجار الحبوب في الولاية وتحديدا في مثلث الرطبة-حديثة-الرمادي.“ ومن هنا ينشر الحساب رسالة موجهة إلى والي ولاية العراق وأمير مكتب الرافدين ”أبي عبدالرحمن (عبدالقادر)“ يشكو كاتبها من ”استهتار“ أمني الولاية بالجانب الأمني وعلى رأسهم العيساوي. يعلّق الحساب أن الرسالة تثبت ”بالدليل القاطع أن أبا محمود العيساوي قرر عدم تحذير جنود الدولة وأمرائهم بخطر الجواسيس.“
داعش أذربيجان
لفت في العدد الأخير من صحيفة النبأ الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي في داعش عنوان الصفحة الأولى المتعلق بوجود التنظيم في أذربيجان. العدد الصادر يوم الخميس ١٩ سبتمبر تضمن مقالاً ”خاصاً“ عن اشتباكات بين عناصر التنظيم والقوات الحكومية في غابات شمال أذربيجان. الباحث آرون زيلين لفت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها صوراً لداعش من ذلك البلد؛ موضحاً أن التنظيم نشر في نوفمبر ٢٠١٩ صور ”بيعة“ عناصر التنظيم ”للخليفة“ الجديد بعد قتل أبي بكر البغدادي.
طالبان هجرة
نقل حساب افغانستان انترنشنال على منصة إكس أن دائرة الجوازات في حكومة طالبان أصدرت ٣٠ ألف جواز سفر خلال يومين فقط فيما ذكرت منظمة الهجرة الدولية أن ٧٢ ألف أفغاني غادروا البلد في أسبوع واحد. منذ ٢٠٢٠، عندما سيطر طالبان على الحكم، غادر أفغانستان حوالي ثمانية ملايين نسمة.
-
حمزة بن أسامة بن لادن
نقلت صحيفة The Mirror البريطانية أن حمزة بن أسامة بن لادن حيّ يُرزق، بل ويحضّر لإحياء شبكة القاعدة بتنفيذ هجمات في العالم. لم توضح الصحيفة مصدر المعلومات واكتفت بالإشارة إلى أنه ”تحليل“ أعده خبراء استخبارات غربيون. أهم ما جاء في هذا التقرير هو أن حمزة نجا من المحاولة الأمريكية لقتله في ٢٠١٩؛ وأنه يعيش في أفغانستان وتحديداً في جلال أباد شرقاً؛ وأنه تلقى دعماً من القيادي المتنفذ في طالبان سراج الدين حقاني الذي يجتمع به وآخرين من طالبان بشكل دوري. التقرير قال أيضاً إن حمزة ليس وحيداً. أخوه عبدالله يسانده في بناء ١٠ معسكرات تدريب في أفغانستان تضم عدداً غير محدد من المقاتلين والانتحاريين المُعدَّين للتسلل إلى دول العالم وضرب أهداف غربية.
ماذا يعني هذا الكلام؟ كيف استقبل أنصار القاعدة هذا الخبر؟ في إحدى المجموعات المناصرة على التلغرام نُشر الخبر نقلاً عن وكالة شهادة التابعة لجماعة شباب، ممثل القاعدة في الصومال. مناصر شكك في صحة الخبر على أساس أنه قديم؛ فردّ آخر ”الله يسامحه كنا فرحنا.“ ومن هنا سأل مناصر عن معنى أن يكون حمزة حياً أو ميتاً. قال:”إذا كان حمزةُ حيّاً منذ ٢٠١٩، فلماذا يختبيء؟ حصلت أحداث عظام بعد ما انتشر خبر مقتله وقتل كثير من قادات الجهاد. فلو كان حي كان بيخرج يغطي الفراغ الموجود هذه الأيام.“
الرد على هذا التعليق جاء في شكلين. الأول أن حمزة ليس قيادياً أصلاً حتى تثير حياته أو وفاته نقاشاً ولو كان محدوداً في صفحة على التلغرام. والثاني هو أن قادة القاعدة لا يظهرون إجمالاً وحمزة ليس استثناء. كلا الردين غير شافيين. فالمهم ليس نجاة أو وفاة حمزة، وإنما ماذا فعلت قيادة القاعدة حيال موته إن مات وماذا فعل هو حيال التنظيم إن عاش.
وعليه، فإن إثبات الحياة أو الوفاة رهن بقيادة القاعدة. هل نجا الدكتور أيمن الظواهري من الهيلفاير الأمريكي في كابول؟ هل نجا أبو محمد المصري من القنص في طهران؟ لا أحد يعلم يقيناً إلا إذا تحدثت القيادة العامة. حتى كبار قادة القاعدة المحليين مثل خبيب السوداني في اليمن لا يعلم يقيناً عندما نعى حمزة وأبا محمد في كتابه شذرات! لكن ما لا تستطيع القيادة تجنبه هو أن صمتها يحتمل مخالفة منهجية في صلب عقيدة التنظيم وهي الإمارة والبيعة. فمن الأمير؟ وما حكم البيعات التي تُشرعن هذه الإمارة وما يصدر عن منتسبيها ومناصريها قولاً أو فعلاً؟ وهذا بالضبط ما سأله حساب في إحدى مجموعات الأنصار. سأل: ما حكم الجهاد في التنظيم بدون بيعة؟
نرجح أن هذا السؤال اليتيم الذي لم يتنطع له المشاركون بالنقد أو التوجيه أو حتى الحذف، يعود إلى تفاسير ما انفك بعض المناصرين يقدمونها نقلاً عن اجتهادات هنا وهناك بخصوص بيعة القاعدة لطالبان في ظل اتفاق الدوحة. فهل البيعة ”العظمى“ التي عقدها أسامة بن لادن وبعده الظواهري لأمراء طالبان لا تزال سارية؟ وما معنى أن يردها طالبان؟ في المقابل، ثمة بيعة أخرى بين مقاتلي القاعدة وأنصارها وأمرائهم المحليين وأميرهم الأكبر زعيم التنظيم. وسط غموض مصير هذا الزعيم، ما مشروعية تلك البيعة؟ ولنتذكر هنا أن القاعدة وأنصارها يأخذون على داعش بيعتهم لمجهول الاسم والرسم؛ فماذا يقولون في بيعتهم لأمير مجهول المصير؟
القاعدة وكتم الحقيقة
هل تحتمل هذه المسائل كل هذا الغموض والأخذ والرد؟ على الأرجح لا. ونستعير الجواب من حساب أنباء جاسم الذي يقول إنه ابن القاعدة وإنما يسعى إلى الإصلاح في التنظيم. في غير مرة دعا الحساب إلى الحوار داخل القاعدة ووضع النقاط على الحروف بلا خوف أو وجل ببساطة لوجود سيناريوهات تنقذ القيادة من أي حرج في أي مسألة.
في منشور على منصة إكس بتاريخ ٥ سبتمبر، تحدث أنباء جاسم عن الجدل الدائر منذ أسابيع مع بعض أنصار القاعدة حول ”هدنة“ غير معلنة في اليمن مع الحوثي المدعوم إيرانياً بالنظر إلى توقف الهجمات ضدهم منذ سبتمبر ٢٠٢٢، مقابل تعاظمها ضد القوات اليمنية السنية؛ وبالنظر إلى الأثر الإيراني في سيف العدل، أمير القاعدة الفعلي. يقول أنباء جاسم ”لو القيادة ترى أن من الضرورة التعاون أو التنسيق مع الحوثي أو المحور ضد إسرائيل خلال هذه المرحلة فلا عيب في طرح ذلك لأن من حق الجميع أن يكون على دراية.“
هجمات سبتمبر ٢٠٢٤
في الذكرى الثالثة والعشرين لهجمات سبتمبر، ما انفك أنصار القاعدة من المتحمسين لحماس يساوون بين ١١ سبتمبر و ٧ أكتوبر كمخرج آخر من المأزق الفقهي المتعلق بعلاقة حماس الإيرانية. هذه المقاربة جاءت في شكلين. الأول أن استغل أنصار القاعدة الحدث لينتقدوا نفراً يؤيدون سبتمبر ويعارضون حماس التي بدأت ٧ أكتوبر. يقولون: ”يلزم منك أن تؤيد العمليتين أو ترفضهما معاً … من التحامل الذميم والتعصب المقيت والتناقض المفضوح أن تطلق لسانك على المجاهدين في #غزة بحجة التهور والتسرع.. وأنت نفسك أيدت عملية ضرب الأبراج.“ من ناحية أخرى، إعلام القاعدة الرسمي يستغل الحدث ليحقق مكسباً مع تأييد شعبوي واضح لـ ٧ أكتوبر من خارج قطاع غزة والضفة الغربية. خبيب السوداني، القيادي في تنظيم قاعدة اليمن، قال في منشور بعنوان ”وقفات بين غزوتين“ إن هجمات نيويورك في ٢٠٠١ وهجمات غزة في ٢٠٢٣ كانت ”تستحق“ الأرواح التي زُهقت فيها والنتائج التي أتت بها.
لكن يلفت في كلامه إشارة متكررة في أدبيات القاعدة إلى موقف الملا عمر، زعيم طالبان في ذلك الوقت، من تسليم أسامة بن لادن. ونود هنا أن نذكر أن الملا عمر كان واثقاً من أن بن لادن غير مسؤول عن الهجمات ولهذا لم يسلمه لأمريكا من دون دليل. في المقابل، بن لادن ظلّ ينكر مسؤوليته عن الهجمات حتى العام ٢٠٠٤. في هذا البرنامج استعرضنا أدلة على ذلك من مصادر موثوقة ومنها عرّابو القاعدة أنفسهم. اليوم، نضيف ما ذكرته الصحفية والباحثة الهولندية بيتي دام Bette Dam في كتابها ”البحث عن العدو - الملا عمر - الطالباني المجهول؛“ الصادر في ٢٠٢١؛ إذ تنقل الكلام ذاته عن أعوان الملا عمر في ذلك الوقت مثل وكيل أحمد متوكل، وزير خارجية طالبان، وعبدالسلام ضعيف السفير الأفغاني في باكستان. تنقل دام أن أفغانستان كانت من أوائل البلدان التي استنكرت الهجمات وعزت الضحايا. لكن الملا عمر لم يكن يدرك ”خطر“ بن لادن. فكان يقول إن أصرّت أمريكا على ضرب أفغانستان بلا دليل، فإن احتمال ذلك لن يتعدى ١٠٪. في الأيام الأولى للهجمات، ظلّ الملا عمر يمارس حياته بشكل طبيعي بلا قلق ما أقلق أعوانه. ما حصل لاحقاً هو خليط من العناد وسوء التقدير عند الأمريكيين والملا عمر على حد سواء.
”الكيان السني“ في إدلب
أثارت تصريحات للإعلامي أحمد زيدان، الموالي لهيئة تحرير الشام في إدلب، جدلاً في أوساط المعارضة السورية.
في ندوة ”مسألة الهوية والانتماء في سوريا،“ على هامش معرض الكتاب في إدلب، دعا زيدان إلى تقبل مفهوم ”الكيان السني“ الذي ظهر هناك. منطق زيدان هو أن السنة ”مسحوقون“ غير قادرين على تحقيق أي طموح من أي نوع. وبالتالي، فإن ما كان يأمل به ”الثائر أو المجاهد“ في سوريا منذ ٢٠١١ لم يعد متاحاً اليوم إلا في إدلب. ومن هنا تأتي أهمية هذا ”الكيان السني“ ”من أجل الحفاظ ”مرحلياً“ على ”الجغرافيا“ التي خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ سنوات ”حتى يفتح الله … دمشق وغيرها.“ وهكذا يرى زيدان أن السنة في سوريا هم ”القوة الثورية الرئيسية إن لم تكن الوحيدة (التي تتعرض) لإبادة حقيقية، في ظل تواطؤ أقليات وصمت أخرى.“ ما مشكلة معارضي هيئة تحرير الشام مع هذا الكلام؟ فهم أيضاً لا يقيمون وزناً للسوريين من طوائف أخرى؟ المفارقة أن مشكلتهم هي أنهم يرون كلام زيدان ”تقزيماً“ أو ”تحجيماً“ للحراك المستعر منذ ٢٠١١. أبو يحيى الشامي، الشرعي المنشق عن الهيئة، يرى في دعوة زيدان توفقاً عند إدلب وشمال حلب ”فلا يكون بعدها تحرير لما احتله العدو،“ يقصد النظام السوري؛ وبالتالي على أهل إدلب الرضوخ لسلطة الجولاني في المنطقة كحكم واقع. بسام صهيوني، الذي كان من كبار موظفي الهيئة قبل أن يتركهم، علّق ”انتهت الثورة وقسمت الكعكة على يد الجولاني وزيدان.“ أبو مالك التلي القيادي السابق في الهيئة اعتبر أن ”إطلاق“ المفهوم ”دغدغة للعواطف على حساب ضياع المبادئ.“
الأنبار .. مقبرة داعش
أعلنت القيادة المركزية الأمريكية سينتكوم قتل ”قادة في تنظيم داعش“ في غارة مشتركة مع القوات العراقية في الأنبار غرباً.
الغارة في ٢٩ أغسطس أسفرت عن قتل ١٤ عنصراً من داعش من بينهم أربعة بارزون هم: أحمد حامد حسين عبد الجليل العيثاوي وهو مسؤول العمليات في كل العراق، وأبو همام مسؤول العمليات في غرب العراق، وأبو علي التونسي مسؤول التطوير التقني، وشاكر عبد أحمد العيساوي المسؤول العسكري في غرب العراق. يبرز من بين هؤلاء أبو علي التونسي المتخصص في صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة والأسلحة الكيماوية. في نوفمبر ٢٠٢٢، رصد برنامج مكافآت من أجل العدالة التابع للخارجية الأمريكية مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وكان حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي فتح ملف الأنبار هذا الأسبوع. فنشر صوراً قال إنها لأبي مسلم العيثاوي أو أبي حفص الذي كان نائباً لوالي العراق الحالي وأمير مكتب الرافدين أبي عبدالقادر؛ وأخرى لأبي همام أو ”أبي ملك الفراجي“ وكان والياً على الأنبار.
وعلّق الحساب أن ما حدث في منطقة الحزيمي شرق وادي الغدف في أغسطس الماضي كان نتيجة ”اختراقات أمنية واستخباراتية“ طالت التنظيم في العراق، معتبراً أن إنزال أغسطس يأتي استمراراً لحملة مداهمات واعتقالات وإنزالات في الأنبار خلال السنوات الأخيرة. في المقابل، يأخذ الحساب على قادة التنظيم هناك أنهم لم يعالجوا هذا ”الفشل الأمني“ إلا باتخاذ إجراء ”منع استعمال الهواتف.“ في موقع آخر، تحدث الحساب عن ”الأقراص“ أو شرائح تحديد الموقع GPS التي باتت في السنوات الأخيرة باتت ”أخبث الوسائل التي يستعملها أنصار التنظيم المخترقين من قبل مخابرات الروافض لتحديد مواقع المضافات ومواقع سيارات التنظيم و أماكن تكديس براميل الأسلحة والأكل في ولايات الأنبار … (ما تسبب) في فقدان الثقة بين عناصر التنظيم ومناصريهم في القرى(و) … شلل شامل في بعض القواطع لعدم القدرة على العمل أو حتى جلب الطعام في بعض الأحيان.“
داعش وذهب الصومال
نقل موقع غارو أونلاين Garow Online الصومالي أن ثمة أدلة على أن تنظيم داعش الصومال بات قادراً على تصدير كميات محدودة من الذهب المُعدّن محلياً بحيث حقق مكاسب خلال العامين الماضيين وصلت إلى ستة ملايين دولار. الموقع علّق أنه بالرغم من محدودية الصادرات إلا أن ذلك يدل على قدرة التنظيم على التعافي وإدارة نشاطات اقتصادية تدر دخلاً على الشبكة العالمية للتنظيم لتمويل هجمات في إفريقيا وخارجها.
داعش غرب إفريقيا … لا حصانة لحياة
أعلن داعش غرب إفريقيا المسؤولية عن مذبحة في يوبي شمال شرق نيجيريا راح ضحيتها ١٢٠ شخصاً على الأقل. داعش قال إن القتلى ”محاربون“ لكن آخرين قالوا إنهم مدنيون. الباحث بافيل ويتشيك لاحظ أن دعاية داعش غرب إفريقيا باتت أكثر عنفاً من ذي قبل باستعراض المجازر في حق المدنيين وهدم منازل القرويين و تنفيذ الإعدامات الميدانية.
حراس المسرى
في الحلقة الماضية، قلنا إن أنصار القاعدة يبحثون منذ أغسطس الماضي عن جماعات جهادية سلفية مقاتلة في غزة في محاولة للتغلب على إشكالية ”تأييد“ حماس الموالية لإيران والتي تتصدر مشهد المواجهة مع إسرائيل. فبرزت جماعتان: جيش الأمة السلفي في بيت المقدس وجماعة سرايا حراس المسرى. أحدهم قال إن الاثنتين واحدة. على كل حال، ما نُشر عن الاثنتين في ذلك الوقت كان يعود إلى عامين تقريباً. في أسبوع احتفاء أنصار القاعدة بهجمات سبتمبر، نشر حساب حراس المسرى أنهم نفذوا هجمة على مستوطنات إسرائيلية شمال قطاع غزة وذلك يوم السبت ١٤ سبتمبر.
-
سبتمبر ٢٠٢٤
الذكرى الثالثة والعشرون لهجمات سبتمر تأتي هذا العام وسط انقسام في أوساط القاعدة حول الموقف من حماس وما يتعلق بحرب ٧ أكتوبر في غزة. ففي الوقت الذي يحشد فيه المناصرون للاحتفاء بالهجمات باعتبارها ”هزمت“ أمريكا ورفعت التنظيم من رتبة ”مركزي“ إلى شبكة ”منتشرة“ في ”أرض الله“، نجد أنهم انقسموا على أنفسهم بل ومشايخهم. في كل هذا، الإعلام الرسمي إنما يعمّق الخلاف.
الحساب القاعدي ”ذي يزن القحطاني“ يحذر من ”حملة ممنهجة لإسقاط هامات ورموز الجماعة (قاعدة الجهاد)“ بسبب الخلاف حول الحكم الشرعي في حماس وقادتها بما يتصل أولاً بالعلاقة مع إيران. وفي هذا، يرى الحساب أن بعض المناصرين باتوا يميزون بين قاعدة أمس وقاعدة اليوم؛ أو ما يسمّونه ”قاعدة أسامة وقاعدة الظواهري.“ وربما كان مجدياً هنا أن نضيف ”قاعدة سيف العدل.“ بل يذهب هؤلاء أبعد من ذلك فيمتدحون نهج طالبان مقابل ”الحط والذم في قاعدة الجهاد وطريقتها في التغيير وسوء التدبير،“ كما يقول الحساب.
ويلفت في هذا الجدل بل التخبط أن سأل أحدهم عن صدق تصريح نُسب إلى حذيفة ابن عبدالله عزّام يقول إن الدكتور أيمن الظواهري كان ”يكفّر عبدالله عزّام ويحرّم الصلاة خلفه.“ رد آخر أن الكلام غير صحيح وأن القول ”كذبة موسادية وخطة استخباراتية ممنهجة.“
الحقيقة أن هذه المعلومة جاءت في كتاب لصهر عبدالله عزّام واسمه عبدالله أنس وكان جهادياً مخضرماً قبل أن يترك الجماعة. كان من أوائل المجاهدين العرب في أفغانستان. حارب السوفييت هناك عشرة أعوام، وكان قريباً من عبدالله عزّام. في كتابه ”إلى الجبال: حياتي في الجهاد من الجزائر إلى أفغانستان“ يقول إن الظواهري كان شديد العداء لعزّام، بل ”تآمر“ عليه وأساء إليه؛ فكان يروّج أنه ”عميل للسعودية.“ ويضيف: ”الظواهري لم يكن يصلي خلف (عزّام) عندما كان حياً ولم يمتدحه ميتاً إلا بعد هجمات سبتمبر … كما هي الدول تحتاج إلى رموز وقصص وطنية، كذلك القاعدة احتاجت إلى رمز مثل الشيخ عبدالله.“ وفي الحلقة ٢٠٣ من هذا البرنامج نستعرض شهادة عبدالله أنس بالتفصيل.
بين ٧ أكتوبر و ١١ سبتمبر
المفارقة في هذا الجدل أن الإحباط من الحاضر والتغنّي بالماضي لا يختلف عن حقيقة هجمات سبتمبر نفسها. فإذا كان أنصار القاعدة اليوم مختلفون حول شرعية تأييد حماس، فماذا يقولون عن شرعية هجمات سبتمبر؟ الحقيقة الثابتة هي أن أسامة بن لادن خالف تعليمات الملا محمد عمر زعيم طالبان وقتئد و“أميرَ المؤمنين“ الذي بايعه على السمع والطاعة. الملا عمر لم يأذن بمهاجمة أمريكا لا في داخل الأراضي الأمريكية ولا خارجها؛ بل إن بن لادن التفّ عليه وخدعه؛ وهذا بشهادة عرّابي القاعدة أنفسهم.
أبو محمد المصري، نائب الظواهري، وصهر أسامة بن لادن، ذكر في كتابه ”عمليات ١١ سبتمبر بين الحقيقة والتشكيك“ المنشور في سبتمبر ٢٠٢٢؛ أن ”أمير المؤمنين الملا محمد عمر (أمر) بوقف العمليات الخارجية على الأمريكان والتركيز على العمل الجبهوي (داخل أفغانستان).“في ذلك الوقت، كان بن لادن قد أرسل انتحارييه إلى أمريكا وكانوا ينتظرون ساعة الصفر.
يتابع أبو محمد:“حدثت جلسات مع قادة الإمارة الإسلامية حول ضرورة السماح لنا بالعمل الخارجي، فجاء الإذن من أمير المؤمنين بالسماح بضرب الأهداف اليهودية … وكان لابد من اتخاذ خطوات للتوفيق بين العملية، وبين توجيهات أمير المؤمنين.“ يقول أبو محمد إن مجلس شورى القاعدة ”عقد جلسات مكثفة“ للبت في هذه المعضلة ”ودار النقاش حول إمكانية تحويل الضربة من أهداف أمريكية إلى أهداف يهودية داخل أمريكا؛“ لافتاً إلى أن هذا لن يغير من حقيقة أن الاستهداف سيظل على أرضٍ أمريكية. ومع هذا الترقيع أُبلغ محمد عطا بتغيير الأهداف إلى ”يهودية“ ولكنه قال إن ذلك غير ممكن لأنهم أتموا التحضيرات. نفهم من هذا الكلام أن مجلس الشورى كان يدرك المخالفة الشرعية ولكنه حاول يائساً تطويع تعليمات الملا عمر بتحويل الأهداف. وعلى مستوى ثانٍ، كان محمد عطا يدرك أن ”أمير المؤمنين“ يرفض هذا العمل، ولكنه وأميره المباشر أسامة بن لادن أصرّا على العصيان.
وعن هذا الجدل يتحدث زعيم القاعدة في اليمن ناصر الوحيشي في مذكراته التي نشرتها صحيفة المسرى الصادرة عن التنظيم في يناير ٢٠١٦. يروي أن مصطفى أبا اليزيد، وكان حتى قتله في ٢٠١٠ المسؤولَ العام لتنظيم القاعدة في أفغانستان، طلب الرجوع إلى الملا عمر بصفته "أميرَ المؤمنين" كشرط شرعي قبل التنفيذ. فرد بن لادن أن "أمير المؤمنين" سمح له بضرب اليهود وأن "الأمريكان هم الوجه الآخر لليهود."
كذلك ذكر خبيب السوداني، القيادي في قاعدة اليمن، في كتابه ”شذرات من تاريخ القاعدة“ أن ”بعض الإخوة“ اختلفوا مع أسامة بن لادن بسبب إصراره على ”تصعيد المواجهة مع أمريكا“ وكان منهم المسؤول عن اللجنة الشرعية، أبو حفص الموريتاني الذي استقال من القاعدة احتجاجاً على تنفيذ الهجمات.
لم يتوقف الأمر عند هذا. ظل الملا عمر واثقاً بأسامة بن لادن وبأنه غير مسؤول عن الهجمات، ولهذا رفض تسليمه لأمريكا. في البداية كان بن لادن ينكر تورطه في الهجمات وإن امتدحها. في ديسمبر ٢٠٠١، ظهر بن لادن في الجزيرة ينتقد تكالب أمريكا عليه وعلى أفغانستان بسبب ما وصفه بـ ”مجرد شبهة.“ وقال: ”فما تتهم به أميركا هذه الفئة المهاجرة المجاهدة في سبيل الله لا يقوم عليه دليل وإنما هو البغي والظلم والعدوان.“ لكن بعد ثلاث سنوات وبعد أن سُحق الشعب الأفغاني، ظهر في الجزيرة نفسها في أكتوبر ٢٠٠٤ متبنياً الهجمات. وقال مما قاله: ”كنا قد اتفقنا مع الأمير العام محمد عطا ـ رحمه الله- أن ينجز جميع العمليات خلال ٢٠ دقيقة قبل أن ينتبه بوش وإداراته.“
حراس المسرى!
منذ أغسطس الماضي وأنصار القاعدة يبحثون عن جماعات جهادية سلفية مقاتلة في غزة. لا شك أن ذلك منبعُه التغلب على إشكالية ”تأييد“ حماس الموالية لإيران والتي تتصدر مشهد المواجهة مع إسرائيل. ذكّروا تحديداً بجماعة جيش الأمة السلفي في بيت المقدس وجماعة سرايا حراس المسرى. أحدهم قال إن الاثنتين واحدة.
حساب قاعدي أعاد نشر تصريح من ”جيش الأمة“ تحت عنوان ”حصري“ يقول إن الجماعة منذ ”طوفان الأقصى“ قدّمت ”الغالي والنفيس“ في القتال الدائر في غزة ومن ذلك القيام ”بمجموعة من العمليات“ وتقديم ”كوكبة من الشهداء.“ الحساب نفسه نشر للجماعة ”تعزية“ بأبي عبدالرحمن المكي القيادي في حراس الدين ممثل القاعدة في الشام الذي اغتيل في ٢٣ أغسطس الماضي.
الهدف من هذا كله هو الإيحاء بأن السلفية الجهادية المقاتلة موجودة في غزة وبالتالي يكون هناك طرف آخر موازي لحماس في ”استحقاق“ قتال إسرائيل.
لكن اللافت أن جماعة جيش الأمة لم تبايع القاعدة بحسب ما نقله حساب قاعدي نشر مقابلة أجراها مع الجماعة الباحث أيمن جواد التميمي في فبراير ٢٠١٩.
قَدَر المقدسي
الجدل حول موقف مشايخ الجهادية من قضايا حاسمة يعود إلى إدلب. سلوك هيئة تحرير الشام تجاه القاعدة بشكل خاص خلّف قطيعة بين قطبي الجهادية السلفية أبي محمد المقدسي الذي يعارض الهيئة وأبي قتادة الفلسطيني المؤيد.
هذه الأيام ومع استمرار الحراك الشعبي ضد الجولاني، سأل الشرعي المنشق عن الهيئة أبو يحيى الشامي عن الشيخين وموقفهما من دعوة وجهها مشايخ في إدلب إلى الهيئة للتحاكم إلى الشرع. يقول أبو يحيى: ”لم نر أو نسمع أو نقرأ تعليقاً للشيخ أبو قتادة الفلسطيني ولا الشيخ أبو محمد المقدسي على هذه الدعوة وتجاهل قيادة الهيئة لها!! ألا ترون أن الذي يسكت عن هذه لا يؤخذ منه في غيرها؟!“
الجولاني وقيادة المحرر
ظهر في معرفات المعارضة في إدلب هاشتاغ جديد هو #الجولاني_ليس_قائداً_للمحرر على خلفية خطاب أبي محمد، زعيم هيئة تحرير الشام، في افتتاح معرض الكتاب في المدينة الذي قال فيه إن ”الثورة السورية تعيش عصرها الذهبي.“
ولا شك في أن الهاشتاغ موجه مناصفةً إلى الجولاني والإعلامي المؤيد للهيئة أحمد زيدان الذي كتب في الشرق القطرية أن إدلب باتت ”أفضل بكثير“ من المناطق التي تخضع لسيطرة النظام أو قسد أو المعارضة المدعومة تركياً.
المعارضون ردّوا بالتذكير بالاعتقالات اليومية التي تطال كل من يتحدث ضد الهيئة. الشرعي أبو يحيى علّق: ”اعتقال الناس إذا نشروا معلومات عن مظالمهم يكرس الظلم ويزيد من قناعة الجميع أن الجولاني يجب أن يسقط هو ومنظومته الأمنية الغاشمة.“ حساب المعارض أبو هادي كتب ”مشروع إدلب عند زيدان هو الجولاني ومن معه.“
قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي
نشر حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي المتخصص في كشف خبايا داعش أن ”قيادات تنظيم الدولة“ يبحثون عن هوية مدير أو مديري الحساب. يأتي هذا فيما يواجه الحساب حملات تخوين ليس من داعش وحسب وإنما من بعض أنصار القاعدة أيضاً.
-
متلازمة طهران ٢٠٢٤
لا يزال ”تأييد“ حماس يثير جدلاً في أوساط القاعدة حتى بعد مرور ١١ شهراً على حرب ٧ أكتوبر. والحقيقة أنه جدل قديم يتجدد كلما شنت إسرائيل حرباً على قطاع غزة، بمعدل مرة أو مرتين في العام. لكن إطالة أمد هذه الحرب والنزيف البشري الهائل عظّم جوانب الجدل حتى اعتزله بعض المعنيين أو أمعن به بعضهم الآخر.
أس المشكل يتعلق بالقضية الفلسطينية التي جُبلت عليها أجيال من العرب والمسلمين. ولم تكن القاعدة استثناءً. فالتنظيم رفع شعار ”تحرير القدس والأقصى“ منذ نشأته. وبهذا الشعار، شنّ ”غزواته“ وحملاته في العالم توّجها بهجمات سبتمبر ٢٠٠١ في قلب أمريكا باعتبار أن الطريق إلى القدس تمر من واشنطن.
وعليه، كيف يتعامل الجهاديون مع حركة مثل حماس عندما تتصدر ”ظاهرياً“ الحرب مع إسرائيل؛ وهي الحركة التي ترتبط بعلاقة عضوية مع إيران ”الرافضية“ - كما في أدبيات الجهاديين - ولها تاريخ أسود مع السلفيين في القطاع، وانخرطت في نشاط ديمقراطي يعتبره الجهاديون ضرباً من الكفر؟ هنا، ثمة أمران يتعين على الجهاديين حسمُهما. أولاً، هل يعبرون صراحة عن تأييد حماس باعتبار ”القضية“؟ كيف يؤيدون إيران في فلسطين ويعارضونها في العراق والشام؟ وثانياً، إن كانت حماس ”تتصدر“ المشهد هكذا، فماذا يقول هذا عن سلوك القاعدة وشعارات القدس؟
ولهذا، وحتى قبل اقتحام حماس مسجد ابن تيمية في رفح وقتل أبي النور المقدسي في أغسطس ٢٠٠٩، ومنظرو الجهادية يحاولون إيجاد مخرج كلما شنت إسرائيل حرباً على غزة. فما كان منهم إلا التمييز بين حماس الحركة وحماس الحكومة؛ أو حماس الحكومة وحماس كتائب القسام؛ على نحو ما جاء في فتاوى منبر التوحيد والجهاد الذي أداره ثلة من العلماء على رأسهم أبو محمد المقدسي. الشيخ أبو محمد ليس قاعدة ولكنه نظّر لهم وكان في قلب الخصام بين القاعدة وداعش، وبين القاعدة وهيئة تحرير الشام. فتاوى المنبر خلصت إلى تكفير حماس بما لا يدع مجالاً للشك.
قبل هذا، سُئل عطية الله الليبي عن حماس وهو القيادي الرفيع في القاعدة المتوفى في ٢٠١١. في ٢٠٠٦، في موقع شبكة الحسبة، حذّر من تكفير الجماعة، والتمس ”العذر“ لحماس في تلقي الدعم من إيران. لكن في ٢٠٠٧، قال ”إن هناك فرقاً شاسعاً بين أن تتلقى دعماً مالياً او عسكرياً من أمثال هؤلاء (إيران) في حال الشدة … وبين أن يتنازل المرء عن ثوابت عقيدته ويسمح لأهل الشرك والضلال أن ينفذوا من خلاله إلى المسلمين وأجيالهم، فهذا ضلال مبين وتفريط في الدين.“ في المقابل، إعلام القاعدة الرسمي اليوم ما انفك يشيد بكتائب القسام ويعزي بقيادات حماس ويجزل مديحهم إلى حدّ التبجيل.
وعليه، أفرزت هذه الحرب الطويلة اصطفافات حادة في الموقف من حماس بين أنصار القاعدة وقيادتها وبين الأنصار والعلماء المعهودين وبين الأنصار والأنصار. فريق يرى أن تأييد ”قتال اليهود“ أولى من أي جدل؛ وآخر يرى أنه لا بد من الالتفات إلى سلوك حماس خاصة في هذه الحرب العبثية. أما الفريق الثالث هو الذي أثار جدلاً هذا الأسبوع. هذا الفريق يرى أن قيادة القاعدة أدرى بسياستها ومنهجها وأن على الأنصار إن كانوا ”جنوداً“ حقيقيين أن يتقبلوا هذه السياسة بلا تشكيك؛ وإلا فليخرجوا من المناصرة.
في ٢٨ أغسطس، نشرت مؤسسة كتائب الإيمان تحت مظلة مجلس التعاون الإعلامي الإسلامي- من إعلام القاعدة الرديف- مقالاً بعنوان ”نابتة الفتنة“ بقلم المدعو حمد المجلسي. والحقيقة أن المقال كُتب بعناية فائقة وبلاغة قل نظيرها في الإعلام الرديف. الأهم أن اللهجة جاءت شديدة قاطعة.
في فاتحة المقال، يبتُّ الكاتب في أمرين: طاعة ولي الأمر، والتكفير. فالمنتسب إلى الجماعة عليه واجب ”السمع والطاعة“ لقادتها ”واثقاً“ بأنهم يأتون أفعالاً وأحكاماً ”لا تصدر إلا من أهل العلم الثقات.“ فإن رأى الجندي من أميره ما يكرهه عليه أن يصطبر وأن يثق بخواتيم الأمور.
لكن إن رأى هذا الجندي في نفسه ”مصححاً لمنهج الجماعة“ وهو ليس أهلاً لها ”فالجماعة جاهلة بل غارقة في الجهل والضلال، ولا يجوز حتى مناصرتُها والوقوفُ في صفها.“ أما في التكفير، فيخلص إلى أنه ”لا يُنتَقَل إلى تكفير المعين حتى يظهر كفره صراحةً دون لَبس.“
بعد هذا التقديم، يأتي الكاتب إلى عنوان ”نصرة حماس على اليهود“ مفنداً من ”بدؤوا الطعن في الجهاد الغزِّي مِن أول يوم للمعركة؛ أولًا من ناحية كفر حماس، وثانيًا من ناحية سوء إدارة المعركة.“ أما في الثانية، فيحُط شأن من ليس عنده معرفة عسكرية. وأما في الأولى، فينتهي إلى أن ”الحكم بالكفر على بعض القيادات لا يلزم كفر الطائفة.“ وهذا تقريباً يشبه ما انتهت إليه فتاوى منبر التوحيد والجهاد عندما ميزوا بين حماس الحكومة وحماس القسام.
أهم ما في هذا المقال جاء في الفقرة التي فنّد فيها الكاتب انتقاد بعض أنصار القاعدة ما كتبه سيف العدل، الزعيم الفعلي للتنظيم، عندما دعا في الجزء الرابع من سلسلة ”هذه غزة .. حرب وجود لا حرب حدود“ - المنشور في ١٦ يوليو ٢٠٢٤ - إلى قبول التجنيد الإجباري الذي تفرضه بعض الدول. سيف العدل يرى ذلك فرصة لتعلم العسكرة. منتقدو سيف العدل يستندون إلى تكفير جيوش الدول باعتبارها تتبع حكم ”الطواغيت.“
يصف الكاتب المنتقدين بأنهم ”حمقى؛“ ويعتبرهم تكفيريين غلاة لا يختلفون كثيراً عن داعش. يقول: ”بِتُّ أنتظر كلمةً جديدة بعنوان: «عذرًا أمير القاعدة ×2» من بعض هؤلاء النابتة. ومشكلتهم أنهم لم يفهموا مناط كفر الجيوش بالتالي اختلَّ عندهم النظر في المسألة.“
في ردود الفعل، وصف بعض أنصار القاعدة المقال بأنه ”في غاية السفه.“ آخرون استحضروا المقدسي مستنكراً وصف ”جيوش الطواغيت“ بـ ”قواتنا المسلحة.“
معارض آخر لحماس، في رد على مقال مشابه، قال: ”دعونا من هذه اللغة الشاعرية الفارغة لتكريس واقع مريض باسم العلم والدين. تطبيلك للانحراف ليس من نصرة المظلوم والدين في شيء!“
لكنّ بعض المؤيدين دافع بأن من يقول ”بانحراف“ القاعدة ”وتمييعها“ إنما جاهل لا يعرف القاعدة حقاً؛ معتبراً أن ما قد يظنه بعض الأنصار ”انحرافاً“ إنما هو ”مرونة.“
آخرون دافعوا بأن ”بعض عناصر الجماعات والرايات الإسلامية الجهادية يقدسون الأشخاص ويتعصبون لرأيهم، … إذا الجماعة خالفت شيخه في مسألة أو قول اسقطها وسفه قادتها.“
آخر قال: ”أنا أجزم أن جلّ من شنعوا على المقالة وذمّوا القائد سيف لم يقرأوا منها سوى الفقرة التي انتشرت في المنتديات!“ أي المتعلقة بقبول التجنيد الإجباري.
آخر استنكر أن هناك ”من يسعى لجعل القيادة تتبع المناصرين“ وكيف أن هؤلاء ”قلة قليلة … يحاولون تشكيل جماعة ضاغطة وهمية لحرف التنظيم وإرغامه على تبني وجه نظر لا يتبناها.“
أين القاعدة من الحوثي في اليمن؟
ما يهمنا من هذا الجدل ليس الإضاءة على منهج القاعدة - قاعدة أسامة أو قاعدة الظواهري؛ ولا الإضاءة على ٧ أكتوبر صواباً أو خطأً. يهمنا من هذا الجدل في هذا الملف تحديداً هو كيف يُبرمَج إعلام القاعدة ومناصروه - جنوده - لتقبل قصور القيادة الموالية لإيران بدواعي فقه الضرورة أو السمع والطاعة؛ وإلا خرج من الملّة مناصراً كان أم عالماً.
جدل حمد المجلسي على التلغرام تزامن مع جدل بين حسابي أنباء جاسم وحميد القوسي على منصة إكس - تويتر سابقاً.
أنباء جاسم حساب معروف منذ العام ٢٠٢٠ يكتب من داخل تنظيم القاعدة ولا يتوانى عن النقد بهدف الإصلاح كما يقول.
حميد القوسي حساب حديث. لا نعلم إن كان له نسخ قبل العام ٢٠٢٤. يقول إنه ”باحث في شؤون الجماعات الإرهابية.“ وينفي أن يكون تبعاً لتنظيم القاعدة.
الجدل بين الحسابين تعاظم عندما نشر الاثنان محادثاتهما الخاصة. حميد القوسي هدد بكشف هوية أنباء جاسم؛ وقال إنه ينتمي إلى فصيل في الشام؛ مشككاً بمصادره بل ومتهماً إياه بالعمالة.
أنباء جاسم يقول إن حميد القوسي هو حساب وهمي يديره حساب حُسام القاعدي. وإن الهدف من هذه الحسابات الوهمية هو ”اصطناع حاضنة شعبية على الإنترنت توحي للعامة أن قيادتهم (القاعدة) تتمتع بشعبية زائفة.“
المشكل بين الاثنين يتعلق بسلوك تنظيم القاعدة في اليمن. يسأل أنباء جاسم: لماذا ”تخلت (قيادة القاعدة) عن مسؤولياتها … (بالامتناع) عن الاشتباك مع المحور الإيراني، (وباتوا مقربين) من الحوثي؟“ وعليه، كيف عزز هذا تهم داعش للقاعدة بخصوص موالاة إيران.
ويضيف مخاطباً القاعدة وأنصارها: ”كيف ستوحد صفوف أهل السنة في الجزيرة وأنت لا تمتلك ثقة أهل بلدك؟“ لافتاً إلى الاختلاف بين قول القاعدة وفعلها في اليمن. يقول إن التنظيم إنما يكتفي ”بإصدارات إنشائية عن المشروع الرافضي، ولكن عمليات على الأرض أبعد ما تكون عن أي ‘روافض‘." وهكذا فإن ”الحقيقة المؤلمة أن قيادة التنظيم لا تمتلك قرارها والوضع الراهن مع الحوثي ناتجاً عن سياسة من وضعها أكبر منهم.“
يدافع حميد القوسي بأن كلامه عن القاعدة يأتي من باب ”الإنصاف للعدو“ فيرى أن التنظيم هو ”أكثر من تصدى لمشروع #الحوثي في #اليمن في ٦ محافظات، بل وقتل كبيرهم الذي علمهم السحر بدر الدين الحوثي.“ لكن القوسي لا يقدم تفسيراً لتوقف هجمات القاعدة ضد الحوثيين المدعومين إيرانياً منذ عامين تقريباً توقفاً تاماً وتحول الجهد بعتاد يصل الضعفين إلى مقارعة القوات اليمنية الجنوبية المدعومة عربياً.
شعلة ”أولمبياد إدلب“
في إدلب هذا الأسبوع، انتشرت على معرفات المعارضة، دعوة هيئة تحرير الشام للتحاكم إلى الشرع. طبعاً الهيئة لم تدر بالاً لهذه الدعوة لا بالقبول ولا الرفض وهي تحاول لملمة ارتدادات شعلة ”أولمبياد إدلب.“
يوم الاثنين ٢٦ أغسطس تضمنت نشاطات رياضية لذوي الإعاقة نظمته منظمة بنفسج، محاكاة لإنارة الشعلة الأولمبية. معارضو الهيئة اعتبروا ذلك مخالفة شرعية وتعزيزاً لطقوس وثنية.
بعضهم ذهب أعمق من ذلك وقالوا : ”القضية ليست في الحكم الشرعي للشعلة بحد ذاتها فقط بقدر ماهي تحول مرعب لجماعة ادعت قيامها على أسس شرعية متشددة استحلت من خلالها الدماء والأموال وسلاح الفصائل. ومن جماعة تفتي بحرمة الدجاج التركي واعتبار الائتلاف مؤسسة مرتدة وتوصي بقتل الثوار بطلقة في الرأس …. الى مسخ يقيم الاحتفالات والمهرجانات والأولمبيات بصورة مقززة.“
حساب أبو هادي علّق: ”لا تبالي هيئة تحرير الشام في تقديم أي تنازل، أو ممارسة أي فعل، ولو كان ناقضاً للإسلام في أدبياتها في سبيل إرضاء الغرب.“
رموز الهيئة أقروا بالخطأ ولكن … عبدالرحيم عطون رئيس المجلس الشرعي في الهيئة قال: ”إن حدوث الأخطاء والتجاوزات والمنكرات (في مجتمع يعدُّ بالملايين) أمرٌ محتَمَلٌ وواردٌ عمليّاً، …. فلا يجوز تصوير ما يقع من منكرات وتجاوزات على أنها الصبغة العامة للمجتمع.“ الإعلامي أحمد زيدان اعتبر أن رد الفعل الحاصل كان أشبه بتشدد داعشي.
في ناحية أخرى موازية، روّجت معرفات موالية للهيئة خطأ أن الشيخ عبدالرزاق المهدي أفتى بقتل عناصر الأمن التابعين للهيئة. المهدي كان سُئل عن جواز استخدام السلاح ضد الأمن إذا حاولوا اقتحام بيت ”وكشف ستر“ أهله. المهدي أجاب بضرورة ”التصدي“ مشدداً ”من دون أن يؤدي ذلك إلى قتل.“
لكن هذا لم يمنع بعض المعارضين من إعادة نشر منشور للمعارض السعودي ماجد الراشد أبي سياف من مايو الماضي يقول فيه إن الجولاني ”خرج على الشريعة، ورفض التحاكم إليها“ وعليه فإن ”ليس له إلا ‘الصارم المسلول‘."
داعش غرب إفريقيا
نقل حساب قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي أنه تأكد لهم قتل أمير مكتب الفرقان وعضو مجلس شورى التنظيم في غرب إفريقيا أبي مصعب البرناوي. وفي التفاصيل أن البرناوي قُتل قبل عدة أشهر في حادث ”غامض.“ البرناوي كان انشق عن أبي بكر شيكاو أمير بوكو حرام وأسس داعش في نيجيريا. في مايو ٢٠٢١، قتل البرناوي شيكاو وحاول دمج فلول تنظيمه.
يلفت الحساب إلى أن ” البرناوي قبل قتله يعاني من أزمة ثقة داخل التنظيم وتحديدا من أمراء "البحيرة" و"سامبيسا" الذين كانوا يتهمونه بالعبث بمداخيل بيت المال.“ وبالتالي فلربما قتل الرجل انتقاماً.
يأتي هذا التأكيد بعد غياب الرجل عن الساحة خلال الشهور الماضية خصوصا بعد تنصيب أبو بلال المينوكي كأمير عام لولاية الساحل وغرب افريقية.
الجواسيس النخبة
مقال لافت في موقع The Week UK عن أسلوب روسيا في تدريب خلايا نائمة تزرعها في الدول المستهدفة فيما يعرف بـ ”نخبة الجواسيس.“ هؤلاء يعيشون عقوداً حياة زائفة واجهة لتجسسهم. يستند المقال إلى حدث في يوليو الماضي عندما حطت طائرة في موسكو تقل ”جواسيس وقتلة مأجورين ومجرمين“ في واحدة من أكبر عمليات تبادل السجناء بين روسيا وأمريكا منذ الحرب الباردة. كان في الاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. على متن الطائرة كان طفلان لأبوين أمضيا عقوداً زوجين في الأرجنتين ثم سلوفينيا يعملان في التجارة الإلكترونية. المقال يستعرض أساليب التدريب والاستحواذ على هويات مهاجرين أو أموات في المناطق المستهدفة.
-
قاعدة اليمن وضياع البوصلة
ما الذي حدث في القوز اليمنية يوم ١٨ أغسطس ٢٠٢٤؟ في ذلك اليوم، وقع اشتباك عند نقطة للحزام الأمني على طريق القوز في محافظة مودية أسفر عن قتل قائد الحزام الأمني في المحفد حسين الرابض واثنين من مرافقيه، بالإضافة إلى وافي عبدالله عمر درعان ركن استطلاع الكتيبة الأولى في اللواء ٣٢ عمالقة واثنين من أقربائه.
أنصار القاعدة في اليمن سارعوا إلى نشر صور عنصرين من القاعدة من قبيلة كازم قالوا إنهما مسؤولان عن الاشتباك وقتل الرابض. لكن ثمة مشكلتان هنا. الأولى هي أن الاشتباك وقع بين حليفين: الحزام الأمني الذي أدار نقطة القوز والعمالقة الذي حملت السيارة شعاره. المشكلة الثانية هي أن عنصري القاعدة كانا في سيارة العمالقة. فما الذي حدث؟ كيف وصل عنصرا القاعدة إلى مركبة العمالقة؟ وكيف تسبب هذا في قتل أبناء قبيلة درعان؟
بحسب بيان نُسب إلى قيادة اللواء ٣٢ عمالقة، وتناقلته وسائل إعلام يمنية، فإن درعان كان عائداً إلى مقر عمله عندما استوقفه في الطريق اثنان يريدان الانتقال إلى المدينة. سمح لهما بالركوب من دون أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة ومن باب ”أن يعمل معاهما خيرا ومعروفا.“ عندما توقفت المركبة عند نقطة الحزام لإجراء التفتيش الروتيني، باشر الاثنان بإطلاق النار بشكل مفاجئ على عناصر الحزام الذين بدورهم قتلوا جميع من في المركبة: درعان واثنين من أقربائه والقاعدييَن الاثنين وأحدهما شقيق أمير مهم في التنظيم.
وباعتراف أنصار القاعدة الذين تفاخروا بهذا الحدث ونسبوه إليهم قالوا إنه ”تم توقيف طقم العمالقة في نقطة القوز الذي كان على متنه عنصرين من #تنظيم_القاعدة.“ بحسب هذه الرواية تفاجأ هذان بوجود الرابض وأطلقا النار عليه. لكن هذه الرواية لم تفسر لماذا استقل هذان العنصران المركبة.
في المطلق، رواية الأنصار هذه جاءت مغايرة لبيان الملاحم الرسمي في ٢١ أغسطس عندما قال إن الحزام الأمني هو من باشر إطلاق النار من دون أن يأتي على ذكر توقيف السيارة في نقطة التفتيش. قال البيان أيضاً إن الاثنين استقلا سيارة ”لأفراد من آل درعان“ وكانا في طريقهما للعلاج! البيان أكد أن درعان لا علاقة له بالاثنين.
الخبيرة في شؤون اليمن، الدكتورة إليزابيث كيندال، وصفت ما حدث بأنه ”فوضى“ مشيرة إلى ما قالته سابقاً عن ضياع بوصلة تنظيم القاعدة واتساع قائمة ولاءاته على نحو ”التماهي“ مع ”المليشيات السائدة“ في المنطقة. الدكتورة كيندال اعتبرت أن بيان القاعدة ”لم يوضح“ الكثير إلا أنه أظهر حرص القاعدة على نفي أي علاقة بألوية العمالقة؛ والتأكيد لأهالي أبين أنهم غير مسؤولين عن قتل درعان وقريبيه.
أبو عبدالرحمن المكي
أكدت القيادة المركزية الأمريكية قتلها أبا عبدالرحمن المكي القيادي في تنظيم حراس الدين، ممثل القاعدة في الشام. بيان السينتكوم قال إن المكي كان ”مسؤولاً عن الإشراف على العمليات الإرهابية من سورية.“ والحقيقة يلفت استخدام حرف الجر ”من“ سوريا وليس ”في“ سوريا. النسخة الإنجليزية التي نفترض أنها الأصل، جاء فيها أيضاً ”from Syria“ وليس “In Syria”؛ فهل يعني هذا أن لحراس الدين نشاط ”خارج“ سوريا؟ هذا غير واضح.
المكي هو عضو مجلس شورى الحراس وربما كان آخر القادة البارزين في التنظيم بعد سامي العريدي وأبي همام الشامي.
استُهدف وهو على دراجته النارية ظهر الجمعة في جبل الزاوية جنوب إدلب.
بحسب سيرة ذاتية تناقلها مريدوه، ولد الرجل ودرس في السعودية وسُجن هناك فترة من الزمن. في وقت ما بعد انطلاق الحراك السوري، ”هاجر“ إلى سوريا طالباً الجهاد مروراً بالسودان ثم ليبيا. لا يُعلم على وجه اليقين متى دخل الأراضي السورية.
انضمّ المكي إلى هيئة تحرير الشام من خلال قاطع الملاحم أو جند الملاحم فكان شرعياً هناك. انشق عن الهيئة في موجة الانشقاقات التي أعقبت الخلاف بين الهيئة وقيادة تنظيم القاعدة. جند الملاحم كان من مؤسسي حراس الدين في فبراير ٢٠١٨.
كان المكي من قيادي الحراس القلائل الذين برزوا إبان انقضاض هيئة تحرير الشام على التنظيم في صيف ٢٠٢٠. في يوليو ذلك العام، كتب المكي رسالة إلى مقاتلي التنظيم يدعوهم فيها إلى الصبر ”على الابتلاء“ إلى حين أن يأتي ”الجهاد الشامي“ أكله. في أكتوبر، اعتقلته الهيئة وقضت عليه بالسجن خمسة أعوام. إلا أنها اطلقت سراحه في أبريل ٢٠٢٢ خاصة بعد تردي حالته الصحية.
بعد هذا التاريخ، لم يُنقل عن المكي أي نشاط دعوي أو قتالي. وربما كان هذا شرطاً لإطلاق سراحه. لكن في الأسبوع الأول من أغسطس الجاري، تناقل أنصار القاعدة رسالة نُسبت إليه تتعلق بالموقف من تعزية القيادي في حماس إسماعيل هنية. الرسالة لم تنقلها شام الرباط، الذراع الإعلامية الرسمية لتنظيم الحراس. المكي لم يكن مؤيداً لحماس واعتبرها ”ضالّة“ ولم يُشر إلى هنية بلفظ الشهيد؛ بل جاء في عنوان الرسالة ”مقتل هنية.“
حسابات الجهاديين من سوريا والقريبين منهم نشروا صورة ”نادرة“ وربما الوحيدة للرجل وأجزلوا مدحه. كما اتهموا الهيئة بالتنسيق مع التحالف لاستهدافه. منهم من عرض قوائم معارضين ملاحقين أو مقتولين في منطقة نفوذ الهيئة؛ وآخرون تساءلوا كيف يفلت زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني من التحالف وهو المطلوب الأول لهم في المنطقة.أما الهيئة، فأهم رد جاء من عبدالرحيم عطون، رئيس المجلس الشرعي فيها مترحماً على المكي.
قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي
ضمن موجة غضب، بل تخوين، أنصار القاعدة من ”حلفاء“ تقليديين أو من بعضهم بعضاً، تحولت أنظار بعضهم إلى قناة فضح عباد البغدادي والهاشمي بالنقد والإساءة. هذا الحساب متخصص في كشف خبايا تنظيم داعش.
بعض أنصار القاعدة اعتبر أن ما ينشرونه يأتي خدمة للتحالف ”على طبق من ذهب.“ آخرون قللوا من أهمية المعلومات المنشورة جملة وتفصيلا.
هذا الأسبوع نشر الحساب عن استراتيجية داعش ”لسلب أهل السنة في العراق.“ وهذا عنوان مهم لأن داعش ما انفك يقدّم نفسه على أنه حامي ”السنة“ في العالم. الحساب نشر رسالة من ”والي العراق“ أبي عبدالقادر ”لتفعيل عمليات الابتزاز ضد أهل السنة“ ولكن من العوام أي ممن لم يبايعوا التنظيم.
منشور لافت آخر في هذا الحساب جاء لتوضيح التباس حول كنية ”أبي حفص“ التي يُكنّاها ”خليفة“ داعش الحالي أبو حفص الهاشمي القرشي. يقول الحساب إن البعض يخلط بين نائب والي العراق أبي مسلم العلواني المكنّى أبي حفص وعبدالقادر مؤمن القيادي في داعش الصومال والذي يعتقد الحساب أنه هو ”الخليفة“ الحالي.
”نفاق“ طالبان
منذ استولت طالبان على الحكم في أفغانستان في أغسطس ٢٠٢١، توترت العلاقة بين باكستان وأفغانستان على خلفية هجمات قامت بها جماعة طالبان الباكستانية (TTP) أو جماعات موالية لها. وصل التوتر ذروته بتراشق اتهامات على مستوى رسمي بأن كابول تأوي وتدرب انتحاريين في باكستان. في أغسطس ٢٠٢٣، أصدرت دار الإفتاء التابعة لحكومة طالبان فتوى ”تحرم“ على الأفغان الجهاد ”عبر الحدود“ في باكستان.
اليم، نقل حساب @AfghanAnalyst2 على إكس أن أحد مشايخ طالبان ”تحدى“ قيادة الجماعة عندما ”أعلن الجهاد“ في باكستان.
هذا الحساب وحسابات أخرى نقلت تسجيلاً منسوباً إلى الشيخ عبدالسميع غزنوي يقول فيه - بحسب الترجمة - إن ”الجهاد“ في باكستان فرض عين. اعتبرت هذه الحسابات أن هذا التصريح يخالف تعليمات قيادة طالبان. كما نقلت أن الرجل عوقب بسبب تصريحاته بأن أقيل من التدريس. غزنوي معروف بانتقاده قيادة طالبان وآرائه الجدلية. فمثلاً يختلف مع القيادة على إغلاق مدارس البنات، لكنه في نفس الوقت يرى أن ”مفهوم“ الإمارة الإسلامية يجب ألا ينحصر في أفغانستان.
في تناقض آخر يشخص علاقة طالبان مع ذاتها ومع الآخر، برز هذا الأسبوع تصريحات لمسؤولي طالبان يطالبون فيها البنك الدولي إلى العودة إلى أفغانستان. تحت عنوان عريض هو ”نفاق طالبان،“ نوه حساب Afghan Analyst إلى قانون ”الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر“ الذي نشرته حكومة طالبان أخيراً وفيه اجتناب ”التعاون والصداقة مع الكفار.“ فكيف تتسق هذا البند في القانون مع سلوك طالبان تجاه المؤسسة الدولية؟
في الاتجاه ذاته، الصحفي الأفغاني بلال صرواري كتب على منصة إكس أن ”طوال ٢٠ عاماً، دمّر طالبان المشاريع التنموية التي مولها البنك الدولي ووسموا الأفغان العاملين معهم بالخونة خدمة ‘الكفار.‘ وها هم اليوم يطلبون من البنك ذاته العودة لتنفيذ مشاريع جديدة وكأن هذا حق لهم.“ صرواري وصف حكم طالبان بالقمعي والعنصري ”يقوده إرهابيون دوليون.“
الجريمة والسوشيال ميديا
فيما يواجه مؤسس تلغرام، بافل دوروف، تضييقاً في فرنسا وتهماً بتشجيع الجريمة وفيما يتخوف مستخدمو التطبيق من انتقال التضييق إلى حساباتهم، تلفت أكثر من وسيلة إعلامية إلى خروقات لا تقل خطورة على منصة مثل إكس - تويتر سابقاً.
موقع صحيفة The Times البريطانية نشرت تحقيقاً عن استخدام تطبيق إكس كمنصة لعرض السلاح للبيع والشراء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون إيرانياً في اليمن. الأسلحة الرائجة في هذه التعاملات هي البنادق والمسدسات وقاذفات القنابل اليدوية.
والشيئ بالشيئ يُذكر، وفي موازاة هذه الجرائم، ثمة تصاعد في التعاملات الإنترنتية لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. الباحثة جيسي ديفيز لاحظت هذا النهج ضمن استراتيجية بات الإرهابيون يستخدمونها تتمثل في استخدام ”مُمكّنين محترفين“ مثل المحاسبين والبنوك والمحامين ”لإخفاء مصادر تمويلهم ووجهتها.“
في دراسة لموقع Insight Threat Intel المتخصص، قالت ديفيز إن مصادر التمكين هذه هي ذاتها التي استخدمها غاسلو الأموال سابقاً وذاتها التي تستخدمها جماعات مثل حماس وحزب الله.
-
القاعدة في اليمن ”تسلم (الحوثي) الجمل بما حمل“
في هجوم القاعدة الانتحاري الكبير ضد القوات اليمنية السنية في أبين، لفت في مجموعات الأنصار منشورات تمجد الحدث مع محاولة مقنعة لتفسير استهداف القاعدة القوات الجنوبية المدعومة إماراتياً دون الحوثيين المدعومين إيرانياً.
يقول أحدهم إن القاعدة ستتفرغ للحوثي بعد الانتهاء من الجنوب؛ فيما يعرض آخر مقتطفاً من لقاء الزعيم السابق للتنظيم خالد باطرفي المنشور في نوفمبر ٢٠٢١ اعترف فيه بأن التنظيم ”حيّد“ أطرافاً في ”الصراع“ في اليمن. فهل كان يقصد الحوثيين؟ لا شك. الأهم حقيقة هو إحصائية تفاخر بها مناصر آخر تضم هجمات التنظيم ضد القوات اليمنية السنية منذ مطلع العام ٢٠٢٣. صحيح ما تفاخر به هذا المناصر - الأرقام مهولة.
مثلاً في عشرين شهراً - الفترة من سبتمبر ٢٠٢٢ إلى مايو ٢٠٢٤ -، شن التنظيم ١٢٦ هجمة ضد القوات اليمنية السنية. هجمات نوعية استخدمت في بعضها المسيرات. والرقم يتعاظم إذا ضمينا إحصائية الثلاثة أشهر الأخيرة.
هذا ما يتفاخر به المناصر. لكن ماذا لو التفت المناصر إلى عشرين شهراً أخرى - الفترة من يناير ٢٠٢٠ إلى أغسطس ٢٠٢٢؟ لوجد أن هجمات التنظيم ضد الحوثيين في تلك الأشهر كاملة لم تتجاوز ٥٠ هجمة، أي بانخفاض مقداره ٦٠٪ عن الهجمات ضد اليمنيين السنة.
الظاهر من هذه الأرقام هو التالي. أولاً، عطّل تنظيم القاعدة القتال - الجهاد - ضد الحوثيين في الربع الأخير من العام ٢٠٢٢. آخر هجمة ضد الحوثيين كانت في ٦ يوليو ٢٠٢٢. في سبتمبر ذلك العام، بدأ التنظيم حملة ضد القوات اليمنية. ثانياً، واضح من الأرقام أن تنظيم القاعدة في قتالة القوات اليمنية كان مدعوماً بالسلاح والعتاد أكثر بكثير مما كان الحال في فترة قتاله الحوثي؛ بالرغم من أن باطرفي في لقاء نوفمبر ٢٠٢١ الذي أشار إليه الأنصار برر ”تراجع“ عمليات التنظيم بعسر الحال. كيف تستقيم هذه الأرقام على الأرض مع قاله ويقوله قادة القاعدة وأنصارها؟ هل أصاب التنظيم مالاً وعتاداً يمكنه من شنّ هذا العدد الهائل من الهجمات ضد القوات اليمنية؟ ولماذا لم يتوفر هذا المال والعتاد عندما كان المستهدف هو الحوثي؟
وكيف يستقيم هذا الكلام مع أحداث البيضاء في الفترة من سبتمبر ٢٠٢١ إلى يناير ٢٠٢٢ عندما دفعت ألوية العمالقة الجنوبية زحف الحوثيين على المحافظة التي إن سقطت في يد الحوثيين فرّقت شرقه عن غربه وشماله عن جنوبه؟ ولنتذكر أن تنظيم القاعدة كان سبباً في خضوع قيفة - البيضاء للحوثي في أغسطس ٢٠٢٠. مما كتبه اليمنيون في ذلك الوقت: ”القاعدة فالحين بستهداف (باستهداف) القوات الجنوبية فقط، وامام شراذم الحوثة تسلمون الجمل بما حمل.“
طالبان الثانية 2.0
في الذكرى الثالثة لسيطرة طالبان على أفغانستان لفترة حكم ثانية، ينشغل بعض أنصار القاعدة بسؤال العلاقة بين الطرفين - هل بايع تنظيم القاعدة طالبان؟ وهو سؤال مهم لاعتبارات عقدية وتنظيمية داخل القاعدة تحديداً.
يجيب مناصر في إحدى المجموعات على التلغرام أن ثمة بيعة لكنها ”بيعة جهاد وليست بيعة تولي؛“ من دون أن يوضح الفرق بين الاثنتين.
أثيرت مسألة البيعة عندما وقع طالبان اتفاق الدوحة في ٢٠٢٠. الاتفاق ينص على أن تقطع الجماعة علاقتها مع القاعدة فلا تقدم لهم عوناً ولا تأوي منهم أحداً. وعليه، كنا نسأل إن كان قبول طالبان تلك البنود يعني بالضرورة رد بيعة القاعدة.
في كل ما قيل وقتئذ، لم يلجأ المتحمسون لطالبان - منظرين وأنصاراً- إلى التمييز بين أنواع البيعات خروجاً من هذا المأزق الفقهي خاصة عندما نفى مسؤولو طالبان وجود بيعة؛ وذلك في أكثر من لقاء مع أخبار الآن ومع هذا البرنامج في العام ٢٠٢١ قبل وبعد ١٥ أغسطس. وقتئذ لم نسمع بتخريجات بيعة الجهاد أو القتال أو بيعة النساء، إلخ، إلخ.
لكن الثابت بالصوت والصورة هو أن أسامة بن لادن، مؤسس القاعدة، بايع الملا عمر بيعة ”عظمى“؛ بل دعا ”المسلمين“ داخل ”الإمارة“ وخارجها إلى مبايعة زعيم طالبان أميراً للمؤمنين. ومن بعد بن لادن، وعلى النهج ذاته، عقد أيمن الظواهري الإمارة للملا أختر منصور الذي خلف الملا عمر في ٢٠١٥ وذلك في رسالة صوتية بعنوان ”مسيرة الوفاء.“ في يونيو ٢٠١٦، بايع الظواهري هبة الله أخودندزادة خلفاً للملا منصور وذلك في كلمة صوتية بعنوان ”على العهد نمضي.“
ولنتذكر أنه في مقدمات هجمات سبتمبر في ٢٠٠١، ثار خلاف بين كبار القاعدة لأن أسامة بن لادن ثبّت الهجمات دون إذن صريح من ”أمير المؤمنين“ الملا عمر. كل هذه شواهد على ”عظم“ البيعة التي ربطت الطرفين.
حماس تسبب ”قطيعة“ في أوساط القاعدة
مع استمرار الحرب في قطاع غزة، لا ينتهي الجدل في أوساط القاعدة حول حكم تأييد حماس. نضيئ على جوانب هذا الجدل لأنه يقع في صلب عقيدة التنظيم خاصة ما يتعلق بتحالف حماس مع إيران. منظرو القاعدة يسكتون، إلى حد كبير، عن هذا السلوك كلما دارت حرب في القطاع؛ وهذا في حد ذاته معضلة - معضلة تعامل الجهاديين مع القضية الفلسطينية التي ما انفكوا ينذرون لها الغالي والنفيس. وعليه، إذا كانت حماس هي من تتصدر هذه القضية، ماذا يعني هذا بالنسبة لمنهج هؤلاء الجهاديين؟
وهكذا، إن اختار المنظرون أن يتحدثوا في الأمر وجدوا مخارج من قبيل ”فقه الضرورة“ الذي صار في حال حماس وإيران قاعدة لا ضرورة. لكن المفارقة هي أنه إن تحدثوا وجدوا رفضاً من مريديهم إلى حد القطيعة.
هذا الأسبوع، يتساءل أنصار القاعدة عن الشيخ أبي محمد المقدسي، الذي لا يزال أهم من ينظر للسلفية الجهادية. لا يُعجب بعضَ الأنصار ما نُقل أخيراً عن الشيخ - وهو حقيقة كلام مكرر من سنوات سابقة؛ بل إن بعضهم تطاول على الرجل رغم منزلته المتقدمة في الجهادية السلفية. اليوم، يشككون في صدق النقل بعد أن أوقف حساباته على التلغرام وإكس. يكتب أحدهم أن المقدسي على الأرجح لم يكتب شيئاً عن طوفان الأقصى! وهذا غير دقيق. فإن شكك أنصار القاعدة فيما نُسب للمقدسي في حسابات موالية، فماذا يقولون عمّا كتبه الرجل في العدد الرابع من مجلة المحجة الصادر في نوفمبر ٢٠٢٣ تحت عنوان ”غزة العزة و طوفان الأقصى؛ دروس وعبر.“ وفي المطلق، إن قوّل أحدهم المقدسي ما لم يقله، فعلى الشيخ أو تلامذته ومريديه أن يصححوا الخطأ!
شخصية ”جهادية“ أخرى أحدثت جدلاً بين أنصار القاعدة هذا الأسبوع هو طارق عبدالحليم. عبدالحليم قريب من المقدسي، على الأقل هذه الأيام. فيجتمع الرجلان على أن حماس ”ورطت“ أهل غزة في هذه الحرب الدائرة منذ ٧ أكتوبر. يختلف الرجلان قليلاً في حدة النقد. عبدالحليم ينتقد بوضوح أكثر ودبلوماسية أقل. وعليه، لا يعجب أنصار القاعدة ما يقول عبدالحليم. وكما فعلوا مع المقدسي، فعلوا مع عبدالحليم. فلم يعتدوا به ولم يقيموا له وزناً. اللافت أن أمير القاعدة نفسه أيمن الظواهري تحدث إلى عبدالحليم ضمن مجموعة من ”المشايخ“ في مايو ٢٠١٤ في مرحلة حرجة وفاصلة في تاريخ التنظيم عندما وُلد مسخان: داعش وهتش.
داعش .. الوجهة - إفريقيا
كيف انتقل ثقل داعش من الشرق التقليدي إلى إفريقيا؟ عندما شنت أمريكا هجمات على أهداف متميزة في داعش الصومال في مايو الماضي، علا شأن القيادي هناك عبدالقادر مؤمن زعيم مكتب الكرار في إفريقيا وربما الخليفة الخامس أبي حفص الهاشمي. تردُد اسم مؤمن على هذا النحو كشف عن أن ثقل التنظيم انتقل من الشرق التقليدي إلى إفريقيا الأمر الذي يظهر ”براغماتية غير مسبوقة“ في التنظيم. الباحثان آوستين دوكتور وجينا ليون كتبا عن هذا التحول في مجلة مكافحة الإرهاب الصادرة عن كلية ويست بوينت العسكرية. يقولان إن هذا التحول له دلالات تتعلق بأولويات هجمات التنظيم وتموضعه الاستراتيجي.
وهذا الأمر يقودنا مرة أخرى إلى داعش خراسان التي برزت في العامين الماضيين فاعلاً قوياً في تنفيذ هجمات داعش الخارجية. لكن اللافت أن هذا الحضور الخارجي يأتي مع تقلص غير مسبوق في قدرات التنظيم في جغرافيته التقليدية - أفغانستان. الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، آرون زيلين، استعرض إحصائية الهجمات التي تبناها التنظيم في الفترة من ١٥ أغسطس ٢٠١٨ إلى ١٥ أغسطس ٢٠٢٤؛ ووجد انخفاض الهجمات في العام الأخير بنسبة ٩٠٪ عما كانت عليه في العام ٢٠١٨ / ٢٠١٩.
في الأثناء، في شمال سوريا، وتحديداً في عفرين التي تسيطر عليها المعارضة المدعومة تركياً، ألقت الاستخبارات التركية القبض على داعشي يقود خلية مهمة في دير الزور هو هاني يقوب العزاوي المعروف بأبي يعقوب. الإعلام الكردي قال إن العزاوي مسؤول عن اغتيالات مهمة في المنطقة.
الهيئة و ”حرس الشرف“
في إدلب، أقامت هيئة تحرير الشام حفلاً لتخريج فوج جديد من ضباط كلية الشرطة. في الحفل أمران لافتان. الأول أن أقيمت في الحفل مراسم استقبال واستعراض ”حرس الشرف“ تماماً كما نراها في الدول الكاملة. أنصار الهيئة وصفوا الحفل ”بالمهنية المبهرة.“ أما المعارضون فوضعوا صورة استقبال مسؤولي الهيئة قُبالة صورة استقبال مسؤولي النظام السوري وكأن الواحدة انعكاس للأخرى.
الأمر الثاني اللافت هو غياب زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني عن الحفل. الجولاني ظهر بعد يومين في ١٧ أغسطس في زيارة للكلية فيما وصفها الباحث آرون زيلين بأنها المرة الأولى التي يظهر فيها الرجل علناً منذ شهرين. حساب المعارض أبو هادي على التلغرام ذكّر بشائعات مرض الجولاني التي راجت في يونيو الماضي ولاحظ أن الجولاني كان متعباً في زيارته إلى الكلية.
أحلام طالبان الباكستانية بمقعد ”السيادة“
نقل تلفزيون آمو الأفغاني أن طالبان قد تعود إلى الوساطة بين دولية باكستان وجماعة تحريكي طالبان باكستان TTP في حال طلب منها الطرفان ذلك.
المتحدث باسم حكومة طالبان، ذبيح الله مجاهد، قال إن طالبان ”لن تتدخل في شؤون باكستان؛“ مشيراً إلى أن الوساطة التي قامت بها الجماعة بين الطرفين قبل ١٨ شهراً كانت بطلب من إسلام أباد.
منذ تولى طالبان الحكم في أفغانستان في أغسطس ٢٠٢١، تسعى (تي تي بي) إلى التفاوض مع حكومة إسلام أباد على ما قد يفضي إلى شكل من الحكم يشبه حكام كابول الجدد.
مسألة أخرى مهمة في هذا الملف هو أن باكستان وغيرها من الدول المعنية لا تزال تقول إن طالبان تقدم عوناً معتبراً لـ (تي تي بي) وهو أمر يقلق كابول.
-
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٥ إلى ١١ أغسطس ٢٠٢٤.
عناوين هذه الحلقة:
لماذا تحمس أنصار القاعدة لثورة بنغلاديش؟
في الذكرى الثالثة لسيطرة طالبان على أفغانستان، هل تحظى الحركة بقبول عالمي؟
ممثل القاعدة في الشام عوداً على بدء … اعتقالات ودعوات للصبر
ضيف الحلقة:
الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان. مدير مركز دراسات السلام واللاعنف في أتلانتا بأمريكا؛ ومدير مركز دراسات الأقليات المسلمة في كل من جنوب إفريقيا وتركيا؛ له مؤلفات منها كتاب طالبان الأفغانية والمحاكم الصومالية: تجربتا حكم إسلاميتين؛ صدر في ٢٠٢٠ عن دار طوروس للنشر. -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٩ يوليو إلى ٤ أغسطس ٢٠٢٤.
عناوين هذه الحلقة:
في الذكرى الثانية لقتل الظواهري، هل تحلّ القاعدة ”أزمة فراغ السلطة“؟
كيف تفاعل الجهاديون مع اغتيال هنية؟ اضطراب مركب بين أنصار القاعدة
داعش يشغل إذاعتين شمال أفغانستان
ضيف الحلقة:
الدكتور آرون زيلين @azelin من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومؤسس موقع jihadology ومؤلف كتاب ”أبناؤكم في خدمتكم: المبشرون بالجهاد التوانسة.“ يحدثنا عن خطر داعش المتنامي وعن صمت القاعدة المطبق -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٢٢ إلى ٢٨ يوليو ٢٠٢٤.
عناوين هذه الحلقة:
بعد عشرة أعوام على مأساة سنجار، كيف تشكلت شبكات تحرير المختطفات الإيزيديات؟
سيف العدل يشيد ضمناً بالحوثي، واضطراب في إعلام قاعدة اليمن حول الموقف من إيران
منشقون عن داعش: أموال التنظيم ”مافيا باسم الدين“
ضيف الحلقة:
السيد فائز أكرم أبو زيدان، من مسلمي سنجار وأوائل من شكلوا شبكات تحرير الإيزيديات. -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٥ إلى ٢١ يوليو ٢٠٢٤.
عناوين هذه الحلقة:
المقدسي: هجوم مسقط ”تخبط“ وحسبة فاشلة
أكاديميون يحذرون من تنامي خطر داعش في العالم
اعتقال مساعد أسامة بن لادن … محمد أمين الحق
سلسلة هجمات مشبوهة في فرنسا قبل أيام على افتتاح أولمبياد باريس
ضيف الحلقة:
تعليقاً على انتخاب أول مسلم صوفي عمدةً لمدينة برايتون آند هووف البريطانية، نسأل كيف يكون التصوف نقيضاً للتطرف؟ نعيد حديثاً مع الدكتور عمار علي حسن، الأديب والمفكر المصري صاحب كتاب ”قاموس الروح .. التصوف كما يجب أن نعرفه. -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٨ إلى ١٤ يوليو ٢٠٢٤
عناوين هذه الحلقة:
على خطى طالبان، TTP تناشد قطر التدخل لحل ”النزاع“ مع الحكومة الباكستانية
خسائر داعش بالقنطار: الحكم بإعدام أرملة البغدادي؛ واعتقال مهندس هجوم كرمان في إيران
٣٥٠٠ ”متطرف“ تقدموا لوظائف في أولمبياد باريس!
ضيفة الحلقة:
الصحفية الاستقصائية ومراسلة الحرب في أخبار الآن صفاء صالح تحدثنا عن الجماعات الجهادية في شرق إفريقيا. -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١ إلى ٧ يوليو ٢٠٢٤.
عناوين هذه الحلقة:
جدل حول هوية ”خليفة“ داعش الخامس أبي حفص
إعلام داعش: هجمات الذئاب المنفردة لنا تبنيناها أم باركناها
فرنسا تعتقل داعشيين خططوا لاستهداف الأولمبياد
الجماعة الإسلامية في إندونيسيا تحلّ نفسها وتتخلى عن ”الجهاد العالمي“
ضيف الحلقة:
بمناسبة عشرية داعش الأولى، نعيد تناول ملف عوائل داعش المحتجزة في مخيمات شمال سوريا - في الهول وروج وغيرهما. نعيد اليوم مقابلة من الحلقة رقم ٢٠٠ مع الأستاذة لامار أركندي، الصحفية السورية الكردية والناشطة في العمل التنموي. -
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من 24 إلى 30 يونيو.
عناوين هذه الحلقة:
على مشارف أولمبياد باريس، باحثون: خطر الجهاديين هو الأكبر
تغييرات إدارية في هرم هيئة تحرير الشام
ضيف الحلقة:
الأستاذ رائد الحامد. الباحث في الجماعات الجهادية. يحدثنا عن ذكريات سيطرة داعش على الموصل في 2014 ومستقبل المنطقة بعد 2024 -
دبي (أخبار الآن)
المرصد ٢٥٠: عشرية داعش الأولى .. انحسار في المركز وتمدد في الأطراف
أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ١٧ إلى ٢٣ يونيو.
عناوين هذه الحلقة:
في عشرية داعش الأولى … انحسار في المركز وتمدد في الأطراف
فوضى هيئة تحرير الشام … إعادة اعتقال معارضين واتهام بحبس أطفال
إياد أغ غالي مطلوب دولياً متهماً بجرائم ضد الإنسانية
ضيف الحلقة:
الأستاذ عبدالله سلمان، الباحث والمحلل السياسي. يحدثنا عن سنوات داعش العجاف. - Laat meer zien